"""""" صفحة رقم ٢٣٢ """"""
ويدخل فيهم المنافقون دخولا أوليا
المنافقون :( ٧ ) هم الذين يقولون.....
ثم ذكر سبحانه بعض قبائحهم فقال ٠ هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ) أي حتى يتفرقوا عنه يعنون بذلك فقراء المهاجرين والجملة مستأنفة جارية مجرى التعليل لفسقهم أو لعدم مغفرة الله لهم قرأ الجمهور ينفضوا من الانفضاض وهو التفرق وقرأ الفضل بن عيسى الرقاشي ينفضوا من انفض القوم إذا فنيت أزوادهم يقال نفض الرجل وعاءه من الزاد فانفض ثم أخبر سبحانه بسعة ملكه فقال ( ولله خزائن السموات والأرض ) أي أنه هو الرزاق لهؤلاء المهاجرين لأن خزائن الرزق له فيعطي من شاء ماشاء ويمنع من شاء ما شاء ( ولكن المنافقين لا يفقهون ) ذلك ولا يعلمون أن خزائن الأرزاق بيد الله عز وجل وأنه لباسط القابض المعطي المانع
المنافقون :( ٨ ) يقولون لئن رجعنا.....
ثم ذكر سبحانه مقالة شنعاء قالوها فقال ( يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ) القائل لهذه المقالة هو عبد الله بن أبي راس المنافقين وعنى بالأعز نفسه ومن معه وبالأذل رسول الله ( ﷺ ) ومن معه ومراده بالرجوع رجوعهم من تلك الغزوة وإنما أسند القول إلى المنافقين مع كون القائل هو فرد من أفرادهم وهو عبد الله بن أبي لكونه كان رئيسهم وصاحب أمرهم وهم راضون بما يقوله سامعون له مطيعون ثم رد الله سبحانه على قائل تلك المقالة فقال ( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ) أي القوة والغلبة لله وحده ولمن أفاضها عليه من رسله وصالحي عباده لا لغيرهم اللهم كما جعلت العزة للمؤمنين على المنافقين فاجعل العزة للعادلين من عبادك وأنزل الذلة على الجائرين الظالمين ( ولكن المنافقين لا يعلمون ) بما فيه النفع فيفعلونه وبما فيه الضر فيجتنبونه بل هم كالأنعام لفرط جهلهم ومزيد حيرتهم والطبع على قلوبهم
الآثار الواردة في تفسير الآيات وسبب النزول
وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن زيد بن أرقم قال خرجنا مع رسول الله ( ﷺ ) في سفر فأصاب الناس شدة فقال عبد الله بن أبي لأصحابه ( لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ) من حوله وقال لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ) فأتيت النبي ( ﷺ ) فأخبرته بذلك فأرسل إلى عبد الله بن أبي فسأله فاجتهد يمينه ما فعل فقالوا كذب زيد رسول الله فوقع في نفسي مما قالوا شدة حتى أنزل الله تصديقي في إذا جاءك المنافقون فدعاهم النبي ( ﷺ ) ليستغفر لهم فلوو رؤوسهم وهو قوله ( كأنهم خشب مسندة ) قال كانوا رجالا أجمل شيء وأخرجه عنه بأطول من هذا ابن سعد وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي وأخرج أبن مردويه عن أبن عباس قال إنما سماهم الله منافقين لأنهم كتموا الشرك وأظهروا الإيمان وأخرج أبن المنذر عنه ( اتخذوا أيمانهم جنة ) قال حلفهم بالله إنهم لمنكم اجتنبوا بأيمانهم من القتل والحرب وأخرج أبن أبي حاتم عنه أيضا ( كأنهم خشب مسندة ) قال نخل قيام واخرج أبن مردويه والضياء في المختارة عنه أيضا قال نزلت هذه الآية ( هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ) في عسيف لعمر بن الخطاب وأخرج ابن مردويه عن زيد بن أرقم وابن مسعود أنهما قرآ ( لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله ) وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن جابر بن عبد الله قال كنا مع النبي ( ﷺ ) في غزاة قال سفيان يرون أنها غزوة بني المصطلق فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار فقال المهاجري يا للمهاجرين وقال الأنصاري يا للأنصار فسمع ذلك النبي ( ﷺ ) فقال ما بال دعوة الجاهلية قالوا رجل من المهاجرين كسع رجلا من الأنصار فقال النبي ( ﷺ ) دعوها فإنها منتنة فسمع