"""""" صفحة رقم ٣٢٤ """"""
المدثر :( ١ - ٢ ) يا أيها المدثر
قال الواحدي قال المفسرون لما بدئ رسول الله صلى الله عليه وإله وسلم بالوحي أتاه جبريل فرآه رسول الله صلى الله عليه وإله وسلم على سرير بين السماء والأرض كالنور المتلألئ ففزع ووقع مغشيا عليه فلما افاق دخل على خديجة ودعا بماء فصبه عليه وقال دثروني دثروني فدثروه بقطيفة فقال ( يا ايها المدثر قم فأنذر ) ومعنى يا ايها المدثر يا أيها الذي قد تدثر بثيابه أي تغشى بها وأصله المتدثر فأدغمت التاء في الدال لتجانسهما وقد قرأ الجمهور بالإدغام وقرأ أبي المتدثر على الأصل والدثار هو ما يلبس فوق الشعار والشعار هو الذي يلي الجسد وقال عكرمة المعنى يا ايها المدثر بالنبوة وأثقالها وقال أبن العربي وهذا مجاز بعيد لأنه لم يكن نبيا إذ ذاك ( قم فأنذر ) أي أنهض فخوف أهل مكة وحذرهم العذاب إن لم يسلموا أو قم من مضجعك أو قم قيام عزم وتصميم وقيل الإنذار هنا هو إعلامهم بنبوته وقيل إعلامهم بالتوحيد وقال الفراء المعنى قم فصل وأمر بالصلاة
المدثر :( ٣ ) وربك فكبر
( وربك فكبر ) أي واختص سيدك ومالكك ومصلح أمورك بالتكبير وهو صفة سبحانه بالكبرياء والعظمة وأنه أكبر من أن يكون له شريك كما يعتقده الكفار وأعظم من أن يكون له صاحبه أو ولده قال أبن العربي المراد به تكبير التقديس والتنزية بخلع الأضداد والأنداد والأصنام ولا يتخذ وليا غيره ولا يعبد سواه ولا يرى لغيره فعلا إلا له ولا نعمة إلا منه قال الزجاج إن الفاء في فكبر دخلت على معنى الجزاء كما دخلت في فأنذر وقال أبن جنى هو كقولك زيدا فاضرب أي زيدا اضرب فالفاء زائدة
المدثر :( ٤ ) وثيابك فطهر
( وثيابك فطهر ) المراد بها الثياب الملبوسة على ما هو المعنى اللغوي أمره الله سبحانه بتطهير ثيابه وحفظها عن النجاسات وإزالة ما وقع فيها منها وقيل المراد بالثياب العمل وقيل القلب وقيل النفس وقيل الجسم وقيل الأهل وقيل الدين وقيل الأخلاق قال مجاهد وأبن زيد وأبو رزين أي عملك فأصلح وقال قتادة نفسك فطهر من الذنب والثباب عبارة عن النفس وقال سعيد بن جبير قلبك فطهر ومن هذا قول امرئ القيس فسلى ثيابي من ثيابك تنسل
وقال عكرمة المعنى البسها على غير غدر وغير فجرة وقال أما سمعت قول الشاعر
وإني بحمد الله لأثوب فاجر لبست ولا من غدرة أتقنع
والشاعر هو غيلان بن سلمة الثقفي ومن إطلاق الثياب على النفس قول عنترة
فشككت بالرمح الطويل ثيابه ليس الكريم على القنا بمحرم
وقول الآخر
ثياب بني عوف طهارى نقية وقال الحسن القرظي إن المعنى وأخلاقك فطهر لأن خلق الإنسان مشتمل على أحواله اشتمال ثيابه على نفسه ومنه قول الشاعر
ويحيى لا يلام بسوء خلق
ويحيى طاهر الأثواب حر
وقال الزجاج المعنى وثيابك فقصر لأن تقصير الثوب أبعد من النجاسات إذا انجر على الأرض وبه قال طاوس والأول أولى لأنه المعنى الحقيقي وليس في استعمال الثياب مجاز عن غيرها لعلاقة مع قرينه ما يدل على أنه المراد عند الإطلاق وليس في مثل هذا الأصل أعنى الحمل على الحقيقة عند الإطلاق خلاف وفي الآية دليل على وجوب طهارة الثياب في الصلاة
المدثر :( ٥ ) والرجز فاهجر
( والرجز فاهجر ) الرجز معناه في اللغة العذاب وفيه لغتان كسر الراء وضمها وسمى الشرك وعبادة الأوثان رجزا لأنها سبب الرجز قرأ الجمهور الرجز بكسر الراء وقرأ الحسن ومجاهد وعكرمة وحفص وأبن محيصن بضمها وقال مجاهد وعكرمة الرجز الأوثان كما في قوله


الصفحة التالية
Icon