"""""" صفحة رقم ٣٣٨ """"""
وقيل المعنى إن جوارحه تشهد عليه بما عمل كما في قوله يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وارجلهم بما كانوا يعملون وأنشد الفراء كأن على ذي العقل عينا بصيرة
بمقعده أو منظر هو ناظر
فيكون المعنى بل جوارج الإنسان عليه شاهدة قال أبو عبيدة والقتيبي إن هذه الهاء في بصيرة هي التي بسميها أهل الأعراب هاء المبالغة كما في قولهم علامة وقيل المراد بالبصيرة الكاتبان اللذان يكتبان ما يكون منه من خير وشر والتاء على هذا للتأنيث وقال الحسن أي بصيرة بعيوب نفسه
القيامة :( ١٥ ) ولو ألقى معاذيره
( ولو القى معاذيره ) أي ولو اعتذر وجادل عن نفسه لم ينفعه ذلك يقال معذرة ومعاذير قال الفراء أي وإن اعتذر فعليه من يكذب عذره وقال الزجاج المعاذير الستور والواحد معذار أي وإن أرخى الستور يريد أن يخفي نفسه فنفسه شاهدة عليه كذا قال الضحاك والسدي والستر بلغة اليمن يقال له معذار كذا قال المبرد ومنه قول الشاعر ولكنها ضنت بمنزل ساعة
علينا وأطت يومها بالعاذر
والأول أولى وبه قال مجاهد وقتادة وسعيد بن جبير وابن زيد وأبو العالية ومقاتل ومثله قوله يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم وقوله ولا يؤذن لهم فيعتذرون وقول الشاعر فما حسن أن يعذر المرء نفسه
وليس له من سائر الناس عاذر
القيامة :( ١٦ ) لا تحرك به.....
( لا تحرك به لسانك لتعجل به ) كان رسول الله ( ﷺ ) يحرك شفتيه ولسانه بالقرآن إذا أنزل عليه قبل فراغ جبريل من قراءة الوحي حرصا على أن يحفظه ( ﷺ ) فنزلت هذه الآية أي لا تحرك بالقرآن لسانك عند إلقاء الوحي لتأخذه على عجل مخافة أن يتفلت منك ومثل هذا قوله ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضي إليك وحيه الآية
القيامة :( ١٧ ) إن علينا جمعه.....
( إن علينا جمعه ) في صدرك حتى لا يذهب عليك منه شيء و ( قرآنه ) إي إثبات قراءته في لسانك قال الفراء القراءة والقزآن مصدران وقال قتادة فاتبع قرآنه أي شرائعه وأحكامه
القيامة :( ١٨ ) فإذا قرأناه فاتبع.....
( فإذا قرآناه ) أي أتممناه قراءته عليك بلسان جبريل ( فاتبع قرآنه ) أي قراءته
القيامة :( ١٩ ) ثم إن علينا.....
( ثم إن علينا بيانه ) أي تفسير ما فيه من الحلال والحرام وبيان ما أشكل منه قال الزجاج المعنى علينا أن ننزله عليك قرآنا عربيا فيه بيان للناس وقيل المعنى إن علينا أن نبينه بلسانك
القيامة :( ٢٠ ) كلا بل تحبون.....
( كلا بل تحبون العاجلة ) كلا للردع عن العجلة والترغيب في الأناة وقيل هي ردع لمن لا يؤمن بالقرآن وبكونه بينا من الكفار قال عطاء أي لا يؤمن أبو جهل بالقرآن وبيانه قرأ أهل المدينة والكوفيون بل تحبون
القيامة :( ٢١ ) وتذرون الآخرة
( وتذرون ) بالفوقية في الفعلين جميعا وقرأ الباقون بالتحتية فيهما فعلى القراءة الأولى يكون الخطاب لهم تقريعا وتوبيخا وعلى القراءة الثانية يكون الكلام عائدا إلى الإنسان لأنه بمعنى الناس والمعنى تحبون الدنيا وتتركون الآخرة فلا تعملون لها
القيامة :( ٢٢ ) وجوه يومئذ ناضرة
( وجوه يومئذ ناضرة ) أي ناعمة غضة حسنة يقال شجر ناظر وروض ناضر أي حسن ناعم ونضارة العيش حسنة وبهجته قال الواحدي والمفسرون يقولون مضيئة مسفرة مشرقة
القيامة :( ٢٣ ) إلى ربها ناظرة
( إلى ربها ناظرة ) هذا من النظر أي إلي خالقها ومالك أمرها ناظرة أي تنظر إليه هكذا قال جمهور أهل العلم والمراد به ماتواترت به الأحاديث الصحيحة من أن العباد ينظرون ربهم يوم القيامة كما ينظرون إلى القمر ليلة البدر قال ابن كثير وهذا بحمد الله مجمع عليه بين الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة كما هو متفق عليه بين أئمة الإسلام وهداة الأنام وقال مجاهد إن النظر هنا انتظار ما لهم عند الله من الثواب وروي نحوه عن عكرمة وقيل لا يصح هذا إلا عن مجاهد وحده قال الأزهري وقول مجاهد خطأ لأنه لا يقال