"""""" صفحة رقم ٣٤ """"""
سورة محمد ( ١٣ ١٩
محمد :( ١٣ ) وكأين من قرية.....
خوف سبحانه الكفار بأنه قد أهلك من هو أشد منهم فقال ( وكأين من قرية هي اشد قوة من أهل قريتك التي أخرجتك أهلكناهم ) قد قدمن أن كأين مركبة من الكاف وأي وأنها بمهنى كم الخبرية أي وكم من قرية وأنشد الأخفش قول الوليد وكأين رأينا من ملوك وسوقه
ومفتاح قيد للأسير المكبل
ومعنى الآية وكم من أهل قرية هم أشد قوة ؤمن قريبتك قريتك التي أخرجوك منها أهلكناهم ( فلا ناصر لهم ) فبالأولى من هو أضعف منهم وهم قريش الذين هم أهل قرية النبي ( ﷺ ) وهي مكة فالكلام على حذف المضاف كما في قوله وأسأل القرية قال مقاتل أي أهلكناهم بالعذاب حين كذبوا رسولهم
محمد :( ١٤ ) أفمن كان على.....
ثم ذكر سبحانه الفرق بين حال المؤمن والحال الكافر فقال ) أفمن كان على بينة من ربه ( والهمزة للإنكار والفاء للعطف على مقدر كنظائره ومن مبتدأ والخبر ( كمن زين له سوء عمله ) وأفرد في هذا باعتبار لفظ من وجمع في قوله ( واتبعوا أهواءهم ) باعتبار معناها والمعنى أنه لا يستوى من كان على يقين من ربه ولا يكون كمن زين له سوء عمله وهو عبادة الأوثان والإشراك بالله والعمل بمعاصي الله واتبعوا أهواءهم في عبادتها وانهمكوا في أنواع الضلالات بلا شبهة توجب الشك فضلا عن حجة نيرة
محمد :( ١٥ ) مثل الجنة التي.....
ثم لما بين سبحانه الفرق بين الفريقين في الأهتداء الضلال بين الفرق في مرجعهما ومآ لهما فقال ( مثل الجنة التي وعد المتقون ) والجملة مستأنفة لشرح محاسن الجنة وبيان ما فيها ومعنى مثل الجنة وصفها العجيب الشأن وهو مبتدأ وخبره محذوف قال النضر بن شميل تقديره ما يسمعون وقدره سيبويه فيما يتلى عليكم مثل الجنة قال والمثل هو الوصف ومعناه وصف الجنة وجملة ( فيها إنهار من ماء غير آسن ) الخ مفسرة للمثل وقيل إن مثل زائدة وقيل إن مثل الجنة مبتدأ والخبر فيها إنهار وقيل خبره كمن هو خالد والآسن المتغير يقال أسن الماء يأسن أسونا إذا تغيرت رائحته ومثله الآجن ومنه قول زهير قد أترك القرن مصفرا أنامله
يميد في الرمح ميد المالح الأسن
وقرأ الجمهور آسن بالمد وقرأ حميد وابن كثير بالقصر وهما لغتان كحاذر وحذر وقال الأخفش إن الممدود يراد به الاستقبال والمقصود يراد به الحال ( وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ) أي لم يحمض كما تغير ألبان الدنيا لأنها لم تخرج من ضروع الإبل والغنم والبقر ( وإنهار من خمر لذة للشاربين ) أي لذيذة لهم طيبة الشرب لا يتكرهها الشاربون يقال شراب لذ ولذيذ وفيه لذه بمعنى ومثل هذه الآية قوله بيضاء لذة للشاربين قرأ الجمهور لذة بالجر صفة لخمر وقرئ بالنصب على إنه مصدر أو مفعول له وقرئ بالرفع صفة لأنهار ( وأنهار من عسل مصفى ) أي مصفى مما يخالطه من الشمع والقذى والعكر والكدر ( ولهم فيها من كل الثمرات ) أي لأهل الجنة في الجنة مع ما ذكر من الأشربة من كل الثمرات أي من كل صنف من أصنافها و ( من ) زائدة للتوكيد ( ومغفرة من ربهم ) لذنوبهم وتنكير مغفرة للتعظيم أي ولهم مغفرة عظيمة كائنة من ربهم ( كمن هو خالد في النار ) هو خبر لمبتدأ محذوف والتقدير أم من هو في نعيم الجنة على هذه الصفة خالدا فيها كمن هو خالد في النار أو خبر لقوله مثل الجنة كما تقدم ورجح الأول الفراء فقال أراد أمن كان في هذا النعيم كم هو خالد في النار وقال الزجاج أي أفمن كان على بينة من ربه وأعطى هذه الأشياء كمن زين له سوء عمله وهو خالد في النار فقوله كمن بدل من قوله أفمن زين له سوء عمله وقال ابن كيسان ليس مثل الجنة التي فيها الثمار والأنهار كمثل النار التي فيها الحميم والزقوم وليس مثل أهل الجنة في النعيم كمثل أهل النار في العذاب الأليم