"""""" صفحة رقم ٣٧٠ """"""
من ربك فيكون نعتا له ورفع الرحمن لبعده منه على الاستئناف وخبره ( لا يملكون منه خطابا ) أي لا يملكون أن يسألوا إلا فيما أذن لهم فيه وقال الكسائي لا يملكون منه خطابا بالشفاعة إلا بإذنه وقيل الخطاب الكلام أي لا يملكون أن يخاطبوا الرب سبحانه إلا بإذنه دليله لا تكلم نفس إلا بإذنه وقيل أراد الكفار وأما المؤمنون فيشفعون ويجوز أن تكون هذه الجملة في محل نصب على الحال على ما تقدم بيانه ويجوز أن تكون مستأنفة مقررة لما تفيده الربوبية من العظمة والكبرياء
النبأ :( ٣٨ ) يوم يقوم الروح.....
( يوم يقوم الروح والملائكة صفا ) الظرف منتصب بلا يتكلمون أو بلا يملكون وصفا منتصب على الحال أي مصطفين أو على المصدرية أي يصفون صفا وقوله ( لا يتكلمون ) في محل نصب على الحال أو مستأنف لتقرير ما قبله واختلف في الروح فقيل إنه ملك من الملائكة أعظم من السموات السبع ومن الأرضين السبع ومن الجبال وقيل هو جبريل قاله الشعبي والضحاك وسعيد بن جبير وقيل الروح جند من جنود الله ليسوا ملائكة قاله أبو صالح ومجاهد وقيل هم اشرف الملائكة قاله مقاتل بن حيان وقيل هم حفظة على الملائكة قاله أبن أبي نجيح وقيل هم بنو آدم قاله الحسن وقتادة وقيل هم ارواح بني آدم تقوم صفا وتقوم الملائكة صفا وذلك بين النفختين قبل ان ترد إلى الأجسام قاله عطية العوفي وقيل إنه القرآن قاله زيد بن اسلم وقوله ( إلا من أذن له الرحمن ) يجوز أن يكون بدلا من ضمير يتكلمون وأن يكون منصوبا على أصل الاستثناء والمعنى لا يشفعون أحد إلا من أذن له الرحمن بالشفاعة أو لا يتكلمون إلا في حق من اذن له الرحمن ( و ) كان ذلك الشخص ممن ( قالوا صوابا ) قال الضحاك ومجاهد صوابا يعني حقا وقال أبو صالح لا إله إلا الله وأصل الصواب السداد من القول والفعل قيل لا يتكلمون يعني الملائكة والروح الذين قاموا صفا هيبة وإجلالا إلا من أذن له الرحمن منهم في الشفاعة وهم قد قالوا صوابا قال الحسن إن الروح تقوم يوم القيامة لا يدخل أحد الجنة إلا بالروح ولا النار إلا بالعمل قال الواحدي فهم لا يتكلمون يعني الخلق كلهم إلا من أذن له الرحمن وهم المؤمنون والملائكة وقال في الدنيا صوابا أي شهد بالتوحيد
النبأ :( ٣٩ ) ذلك اليوم الحق.....
والإشارة بقوله ( ذلك ) إلى يوم قيامهم على تلك الصفة وهو مبتدا وخبره ( اليوم الحق ) أي الكائن الواقع المتحقق ( فمن شاء أتخذ إلى ربه مآبا ) أي مرجعا يرجع إليه بالعمل الصالح لأنه إذا عمل خيرا قربه إلى الله وإذا عمل شدا باعده منه ومعنى ( إلى ربه ) إلى ثواب ربه قال قتادة مآبا سبيلا
النبأ :( ٤٠ ) إنا أنذرناكم عذابا.....
ثم زاد سبحانه في تخويف الكفار فقال ( إنا أنذرناكم عذابا قريبا ) يعني العذاب في الآخرة وكل ما هو آت فهو قريب ومثله قوله كانهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها كذا قال الكلبي وغيره وقال قتادة هو عذاب الدنيا لأنه أقرب العذابين قال مقاتل هو قتل قريش ببدر والأول أولى بقوله ( يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ) فإن الظرف إما بدل من عذاب أو ظرف لمضمر هو صفة له اي عذابا كائنا ( يوم ينظر المرء ) اي يشاهد ما قدمه من خير أو شر وما موصولة أو استفهامية قال الحسن والمرء هنا هو المؤمن أي يجد لنفسه عملا فاما الكافر فلا يجد لنفسه عملا فيتمنى أن يكون ترابا وقيل المراد به الكافر على العموم وقيل أبى بن خلف وعقبة بن أبي معيط والأول اولى لقوله ( ويقول الكافر يليتني كنت ترابا ) فإن الكافر واقع في مقابلة المرء والمراد جنس الكافر يتمنى أن يكون ترابا لما يشاهده مما قد أعده الله له من أنواع العذاب والمعنى أنه يتمنى أنه كان ترابا في الدنيا فلم يخلق أو ترابا يوم القيامة وقيل المراد بالكافر أبو جهل وقيل أبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي وقيل إبليس والأول أولى اعتبارا بعموم اللفظ ولا ينافيه خصوص السبب كما تقدم غير مرة