"""""" صفحة رقم ٣٧٨ """"""
النازعات :( ٢٧ ) أأنتم أشد خلقا.....
قوله ( أأنتم أشد خلقا أم السماء ) أي أخلقكم بعد الموت وبعثكم أشد عندكم وفي تقديركم أم خلق السماء والخطاب لكفار مكة والمقصود به التوبيخ لهم والتبكيت لأن من قدرعلى خلق السماء التي لها هذا الجرم العظيم وفيها من عجائب الصنع وبدائع القدرة ما هو بين للناظرين كيف يعجز عن إعادة الأجسام التي أماتها بعد أن خلقها أول مرة ومثل هذا قوله سبحانه لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس وقوله أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم ثم بين سبحانه كيفية خلق السماء فقال ( بناها
النازعات :( ٢٨ ) رفع سمكها فسواها
(رفع سمكها فسواها ) أي جعلها كالبناء المرتفع فوق الأرض ورفع سمكها أي أعلاه في الهواء فقوله ( رفع سمكها ) بيان للبناء يقال سمكت الشيء أي رفعته في الهواء وسمك الشيء سموكا ارتفع قال الفراء كل شيء حمل شيئا من البناء يقال سمكت الشيء وبناء مسموك وسنام سامك أي عال والسموكات السموات ومنه قول الفرزدق إن الذي سمك السماء بنى لنا
بيتا دعائمه أعز وأطول
فال البغوي رفع سمكها أي سقفها قال الكسائي والفراء والزجاج ثم الكلام عند قوله ( أم السماء بناها ) لأنه من صلة السماء والتقدير أم السماء التي بناها فحذف التي ومثل هذا الحذف جائز ومعنى ( فسواها ) فجعلها مستوية الخلق معدله الشكل لا تفاوت فيها ولا اعوجاج ولا فطور ولا شقوق
النازعات :( ٢٩ ) وأغطش ليلها وأخرج.....
( واغطش ليلها ) الغطش الظلمة أي جعله مظلما يقال غطش الليل وأغطشه الله كما يقال أظلم الليل واظلمه الله ورجل أغطش وامراة غطشى لا يهتديان قال الراغب واصله من الأغطش وهو الذي في عينه عمش ومنه فلاة غطشى لا يهتدي فيها والتغاطش التعامي قال الأعشى ودهماء بالليل غطشى الفلاة
يؤنسني صوت قيادها
وقوله وغامرهم مدلهم غطش
يعني غمرهم سواد الليل وأضاف الليل إلى السماء لأن الليل يكون بغروب الشمس والشمس مضافة إلى السماء وأخرج ضحاها أي أبرز نهارها المضيء بإضاءة الشمس وعبر وعبر عن النهار بالضحى لأنه اشرف أوقاته وأطيبها وإضافة إلى السماء لأنه يظهر بظهور الشمس وهي منسوبة إلى السماء
النازعات :( ٣٠ ) والأرض بعد ذلك.....
( والأرض بعد ذلك دحاها ) اي بعد خلق السماء ومعنى دحاها بسطها وهذا يدل على أن خلق الأرض بعد خلق السماء ولا معارضة بين هذه الآية وبين ما تقدم في سورة فصلت من قوله ثم استوى إلى السماء بل الجمع بأنه سبحانه خلق الأرض أولا غير مدحوة ثم خلق السماء ثم دحا الأرض وقد وقدمنا الكلام على هذا مستوفى هنالك وقدمنا أيضا بحثا في هذا في أول سورة البقرة عند قوله هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا