"""""" صفحة رقم ٣٩٦ """"""
تجاوزونه إلى ما هو أعظم منه من التكذيب بالدين وهو الجزاء أو بدين الإسلام قال أبن الآنباري الوقف الجيد على الدين وعلى ركبك و على كلا قبيح والمعنى بل تكذبون يا اهل مكة بالدين أي بالحساب وبل لنفي شيء تقدم وتحقيق غيره وإنكار البعث قد كان معلوما عندهم وإن لم يجر له ذكر قال الفراء كلا ليس الأمر كما غررت به قرأ الجمهور تكذبون بالفوقية على الخطاب وقرأ الحسن وأبو جعفر وشيبة بالتحتية على الغيبة
الإنفطار :( ١٠ ) وإن عليكم لحافظين
وجملة ( وإن عليكم لحافظين ) في محل نصب على الحال من فاعل تكذبون أي تكذبون والحال أن عليكم من يدفع تكذيبكم ويجوز أن تكون مستأنفة مسوقة لبيان ما يبطل تكذيبهم والحافظين الرقباء من الملائكة الذين يحفظون على العباد اعمالهم ويكتبونها في الصحف
الإنفطار :( ١١ ) كراما كاتبين
ووصفهم سبحانه بأنهم كرام لديه يكتبون ما يأمرهم به من أعمال العباد
الإنفطار :( ١٢ ) يعلمون ما تفعلون
وجملة ( يعلمون ما تفعلون ) في محل نصب على الحال من ضمير كاتبين أو على النعت أو مستأنفة قال الرازي والمعنى التعجيب من حالهم كأنه قال إنكم تكذبون بيوم الدين وملائكة الله موكلون بكم يكتبون أعمالكم حتى تحاسبوا بها يوم القيامة ونظيره قوله تعالى عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد
الإنفطار :( ١٣ - ١٤ ) إن الأبرار لفي.....
ثم بين سبحانه حال الفريقين فقال ( إن الإبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم ) والجملة مستانفة لتقرير هذا المعنى الذي سيقت له وهي كقوله سبحانه فريق في الجنة وفريق في السعير
الإنفطار :( ١٥ ) يصلونها يوم الدين
وقوله يصلونها يوم الدين صفة لجحيم ويجوز أن تكون في محل نصب على الحال من الضمير في متعلق الجار والمجرور أو مستأنفة جواب سؤال مقدر كأنه قيل ما حالهم فقيل ( يصلونها يوم الدين ) أي يوم الجزاء الذي كانوا يكذبون به ومعنى يصلونها أنهم يلزمونها مقاسين لوهجها وحرها يومئذ قرأ الجمهور يصلونها مخففا مبنيا للفاعل وقرئ بالتشديد مبنيا للمفعول
الإنفطار :( ١٦ ) وما هم عنها.....
( وما هم عنها بغائبين ) أي لا يفارقونها أبدا ولا يغيبون عنها بل هم فيها وقيل المعنى وما كانوا غائبين عنها قبل ذلك بالكلية بل كانوا يجدون حرها في قبورهم
الإنفطار :( ١٧ - ١٨ ) وما أدراك ما.....
ثم عظم سبحانه ذلك اليوم فقال ٠ وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين ) أي يوم الجزاء والحساب وكرره تعظيما لقدره وتفخيما لشأنه وتهويلا لأمره كما في قوله القارعة ما القارعة وما أدراك ما القارعة و الحاقة ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة والمعنى أي شيء جعلك داريا ما يوم الدين قال الكلبي الخطاب لإنسان الكافر
الإنفطار :( ١٩ ) يوم لا تملك.....
ثم أخبر سبحانه عن اليوم فقال ( يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله ) قرأ أبن كثير وابو عمرو برفع يوم على انه بدل من يوم الدين أو خبر مبتدأ محذوف وقرأ أبو عمرو في رواية يوم بالتنوين والقطع عن الإضافة وقرأ الباقون بفتحة على أنها فتحة إعراب بتقدير أعني أو اذكر فيكون مفعولا به أو على انها فتحة بناء لإضافة إلى الجملة على رأي الكوفيين وهو في محل رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أو على أنه بدل من يوم الدين قال الزجاج يجوز أن يكون في موضع رفع إلا أنه مبني على الفتح لإضافته إلى قوله ) لا تملك ) وما أضيف إلى غير المتمكن فقد يبني على الفتح وإن كان في موضع رفع وهذا الذي ذكره إنما يجوز عند الخليل وسيبويه إذا كانت الإضافة إلى الفعل الماضي وأما إلى الفعل المستقبل فلا يجوز عندهما وقد وافق الزجاج على ذلك أبو علي الفارسي والفراء وغيرهما والمعنى أنها لا تملك نفس من النفوس لنفس أخرى شيئا من النفع أو الضر ( والأمر يومئذ لله ) وحده لا يملك شيئا من الأمر غيره كائنا ما كان قال مقاتل يعني لنفس كافرة شيئا من المنفعة قال قتادة ليس ثم أحد يقضي شيئا أو يصنع شيئا إلا الله رب العالمين والمعنى أن الله لا يملك أحدا في ذلك اليوم شيئا من الأمور كما ملكهم في الدنيا ومثل هذا قوله لمن الملك اليوم لله الواحد القهار