"""""" صفحة رقم ٤١ """"""
سورة محمد ( ٣٢ ٣٨
محمد :( ٣٢ ) إن الذين كفروا.....
قوله ( إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ) المراد بهؤلاء هم المنافقون وقيل أهل الكتاب وقيل هم المطعمون يوم بدر من المشركين ومعنى صدهم عن سبيل الله منعهم للناس عن الإسلام وإتباع الرسول ( ﷺ ) ( و ) معنى ( شاقوا الرسول ) عادوه وخالفوه ( من بعد ما تبين لهم الهدى ) أي علموا أنه ( ﷺ ) نبي من عند الله بما شاهدوا من المعجزات الواضحة والحجج القاطعة ( لن يضروا الله شيئا ) بتركهم الإيمان وإصرارهم على الكفر وما ضروا إلا أنفسهم ( وسيحبط أعمالهم ) أي يبطلها والمراد بهذه الأعمال ما صورته صورة أعمال الخير كإطعام الطعام وصلة الأرحام وسائر ما كانوا يفعلونه من الخير وإن كانت باطلة من الأصل لأن الكفر مانع وقيل المراد بالأعمال المكائد التي نصبوها لإبطال دين الله والغوائل التي كانوا يبغونها برسول الله ( ﷺ )
محمد :( ٣٣ ) يا أيها الذين.....
ثم أمر سبحانه عباده المؤمنين بطاعته وطاعة رسول فقال ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا وأطيعوا الله الرسول ) فيما أمرتم به من الشرائع المذكورة في كتاب الله وسنة ورسوله ثم نهاهم عن أن يبطلوا اعمالكم كما أبطلت الكفار أعمالها بالإصرار على الكفر فقال ( ولا تبطلوا أعمالكم ) قال الحسن أي لا تبطلوا حسناتكم بالمعاصي وقال الزهري بالكبائر وقال الكلبي وابن جريج بالرياء والسمعة وقال مقاتل بالمن والظاهر النهي عن كل سبب من الأسباب التي توصل إلى بطلان الأعمال كائنا ما كان من غير تخصيص بنوع معين
محمد :( ٣٤ ) إن الذين كفروا.....
ثم بين سبحانه أنه لا يغفر للمصرين على الكفر والصد عن سبيل الله فقال ( إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم ) فقيد سبحانه عدم المغفرة بالموت على الكفر لأن باب التوبة وطريق المغفرة لا يغلقان على من كان حيا وظاهر الآية العموم وإن كان السبب خاصا
محمد :( ٣٥ ) فلا تهنوا وتدعوا.....
ثم نهى سبحانه المؤمنين عن الوهن والضعف فقال ( فلا تهنوا ) أي تضعفوا عن القتال والوهن الضعف ( وتدعوا إلى السلم ) أن أي ولا تدعوا الكفار إلى الصلح ابتداء منكم فإن ذلك لا يكون إلا عند الضغف قال الزجاج منع الله المسلمين أن يدعوا الكفار إلى الصلح وأمرهم بحربهم حتى يسلموا وقرأ أبو عبد الرحمن السلمى ( وتدعوا ) بتشديد الدال من ادعى القوم وتداعوا قال قتادة معنى الآية لا تكونوا أول الطائفتين ضرعت إلى صاحبتها واختلف أهل العلم في هذه الآية هل هي محكمة أو منسوخة فقيل إنها محكمة وإنها ناسخة لقوله وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وقيل منسوخه بهذه الآية ولا يخفاك أنه لا مقتضى للقول بالنسخ فإن الله سبحانه نهى المسلمين في هذه الآية عن أن يدعوا إلى السلم ابتداء ولم ينه عن قبول السلم إذا جنح إليه المشركون فالآيتان محكمتان ولم يتواردا على محل واحد حتى يحتاج إلى دعوى النسخ أو التخصيص وجملة ( وأنتم الأعلون ) في محل نصب على الحال أو مستأنفه مقررة لما قبلها من النهى أي وأنتم الغالبون بالسيف والحجة قال الكلبي أي آخر الأمر لكم وإن غلبوكم في بعض الأوقات وكذا جملة قوله ( والله معكم ) في محل نصب على الحال أي معكم بالنصر