"""""" صفحة رقم ٤١٦ """"""
المقام هو ذلك الشاهد والمشهود الذي ذكر في آية أخرى وإلا لزم أن يكون قوله هنا ( وشاهد ومشهود ) هو جميع ما أطلق عليه في الكتاب العزيز أو السنة المطهرة أنه يشهد أو انه مشهود وليس بعض ما استدلوا به مع اختلافه بأولى من بعض ولم يقل قائل بذلك فإن قلت هل في المرفوع الذي ذكرته من حديث أبي هريرة وحديث أبي مالك وحديث جبير بن مطعم ومرسل وسعيد بن المسيب ما يعين هذا اليوم الموعود والشاهد والمشهود قلت أما اليوم الموعود فلم تختلف هذه الروايات التي ذكر فيها بل اتفقت على أنه يوم القيامة وأما الشاهد ففي حديث أبي هريرة والأول انه يوم الجمعة وفي حديثه الثاني أنه يوم عرفة ويوم الجمعة وفي حديث أبي مالك أنه يوم الجمعة وفي حديث جبير أنه يوم الجمعة وفي مرسل سعيد أنه يوم الجمعة فاتفقت هذه الأحاديث عليه ولا تضر زيادة يوم عرفة عليه في حديث أبي هريرة الثاني وأما المشهود ففي حديث أبي هريرة الأول أنه يوم عرفة وفي حديثه الثاني أنه يوم القيامة وفي حديث أبي مالك أنه يوم عرفة وفي حديث أبي جبير أبن مطعم أنه يوم عرفة وكذا في حديث سعيد فقد تعين في هذه الروايات أنه يوم عرفة وهي أرجح من تلك الرواية التي صرح فيها بأنه يوم القيامة فحصل من مجموع هذا رجحان ما ذهب إليه الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم أن الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة وأما اليوم الموعود فقد قدمنا أنه وقع الإجماع على انه يوم القيامة وأخرج عبد الرزاق وأبن أبي شيبة وأحمد عبد بن حميد ومسلم والترمذي والنسائي والطبراني عن صهيب أن رسول الله صلى الله عليه وإله وسلم قال كان ملك من الملوك فيمن كان قبلكم وكان لذلك الملك كاهن يكهن له فقال له ذلك الكاهن انظروا لى غلاما فهما أو قال فطنا لقنا فاعلمه علمي فإني أخاف أن أموت فينقطع منكم هذا العلم ولا يكون فيكم من يعلمه قال فنظروا له على ما وصف فأمروه أن يحضر ذلك الكاهن وأن يختلف إليه فجعل الغلام يختلف إليه وكان على طريق الغلام راهب في صومعة فجعل الغلام يسأل ذلك الراهب كلما مر به فلم يزل به حتى أخبره فقال إنما أعبد الله فجعل الغلام يمكث عند هذا الراهب ويبطئ على الكاهن فأرسل الكاهن إلى أهل الغلام أنه لا يكاد يحصرني فأخبر الغلام الراهب بذلك فقال له الراهب إذا قال لك اين كنت فقل عند اهلي وإذا قال لك أهلك أين كنت فأخبرهم أني كنت عند الكاهن فبينما الغلام على ذلك إذ مر بجماعة من الناس كثير قد حبستهم دابة يقال إنها كانت أسدا فاخذ الغلام حجرا فقال اللهم أن كان ما يقول ذلك الراهب حقا فأسألك أن اقتل هذه الدابة وإن كان ما يقول الكاهن حقا فأسألك أن لا أقتلها ثم رمى فقتل الدابة فقال الناس من قتلها فقالوا الغلام ففزع الناس وقالوا قد علم هذا الغلام علما لا لم يعلمه أحد فسمع أعمى فجاءه فقال له إن أنت رددت على بصري فلك كذا وكذا فقال الغلام لا أريد منك هذا ولكن أرأيت إن رجع عليك بصرك أتؤمن بالذي رده عليك قال نعم فدعا الله فرد عليه بصره فآمن الأعمى فبلغ الملك أمرهم فبعث إليهم فأتى بهم فقال لاقتلن كل واحد منكم قتله لا أقتل بها صاحبه فأمر بالراهب والرجل الذي كان أعمى فوضع المنشار على مفرق أحدهما فقتله وقتل الآخر بقتلة آخرى ثم امر بالغلام فقال انطلقوا به إلى جبل كذا وكذا فألقوه من راسه فانطلقوا به إلى ذلك الجبل فلما انتهوا إلى ذلك المكان الذي أرادوا أن يلقوه منه جعلوا يتهافتون من ذلك الجبل ويتردون حتى لم يبق منهم إلا الغلام ثم رجع الغلام فأمر به الملك أن ينطلقوا به إلى البحر فيلقوه فيه فانطلقوا به إلى البحر فغرق الله الذين كانوا معه وأنجاه فقال الغلام للملك إنك لن تقتلني حتى تصلبني وترميني وتقول إذا رميتني بسم الله رب الغلام فأمر به


الصفحة التالية
Icon