"""""" صفحة رقم ٤٣٩ """"""
أي أنكرني وقرأ الجمهور فقدر بالتخفيف وقرأ ابن عامر عامر بالتشديد وهما لغتان وقرأ الحرميان وأبو عمرو ربي بفتح الياء في الموضعين وأسكنها الباقون
الفجر :( ١٧ ) كلا بل لا.....
وقوله كلا ردع للإنسان القائل في الحالتين ما قال وزجر له فإن الله سبحانه قد يوسع الرزق ويبسط النعم للإنسان لالكرامته ويضيقه عليه لا لإهانته بل للاختبار والامتحان كما تقدم قال الفراء كلا في هذا الموضع بمعنى أنه لم يكن ينبغي للعبد أن يكون هكذا ولكن يحمد الله على الغنى والفقر ثم انتقل سبحانه من بيان سوء أقوال الإنسان إلى بيان سوء أفعاله فقال ) بل لا تكرمون اليتيم ( ٦ والالتفات إلى الخطاب لقصد التوبيخ والتقريع على قراءة الجمهور بالفوقية وقرأ أبو عمرو ويعقوب بالتحتية على الخبر وهكذا اختلفوا فيما بعد هذا من الأفعال فقرأ الجمهور تحضون وتأكلون وتحبون بالفوقية على الخطاب فيها وقرأ أبو عمرو ويعقوب بالتحتية فيها والجمع في هذه الأفعال باعتبار معنى الإنسان لأن المراد به الجنس أي بل لكم أفعال هي أقبح مما ذكر وهي أنكم تتركون إكرام اليتيم فتأكلون ماله وتمنعونه من فضل أموالكم قال مقاتل نزلت في قدامة بن مظعون وكان يتيما في حجر أمية بن خلف
الفجر :( ١٨ ) ولا تحاضون على.....
) ولا تحاضون على طعام المسكين ( قرأ الجمهور تحضون من حضه على كذا أي أغراه به ومفعوله محذوف أي لا تحضون أنفسكم أو لا يحض بعضكم بعضا على ذلك ولا يأمر به ولا يرشد إليه وقرأ الكوفيون تحاضون بفتح التاء والحاء بعدها ألف وأصله تتحاضون فحذف إحدى التاءين أي لا يحض بعضكم بعضا وقرأ الكسائي في رواية عنه والسلمي تحاضون بضم التاء من الحض وهو الحث وقوله ) على طعام المسكين ( متعلق بتحضون وهو إما اسم مصدر أي على إطعام المسكين أو اسم للمطعوم ويكون على حذف مضاف أي على بذل طعام المسكين أو على إعطاء طعام المسكين
الفجر :( ١٩ ) وتأكلون التراث أكلا.....
) وتأكلون التراث ( أصله الوراث فأبدلت التاء من الواو المضمومة كما في تجاه ووجاه والمراد به أموال اليتامى الذين يرثونه من قراباتهم وكذلك أموال النساء وذلك أنهم كانوا لا يورثون النساء والصبيان ويأكلون أموالهم ) أكلا لما ( أي أكلا شديدا وقيل معنى لما جمعا من قولهم لممت الطعام إذا أكلته جميعا قال الحسن يأكل نصيبه ونصيب اليتيم وكذا قال أبو عبيدة وأصل اللم في كلام العرب الجمع يقال لممت الشيء ألمه لما جمعته ومنه قولهم لم الله شعثه أي جمع ما تفرق من أموره ومنه قول النابغة ولست بمستبق أخا لا تلمه
على شعث أي الرجال المهذب
قال الليث اللم الجمع الشديد ومنه حجر ملموم وكتيبة ملمومة وللآكل يلم الثريد فيجمعه ثم يأكله وقال مجاهد يسفه سفا وقال ابن زيد هو إذا أكل ما له ألم بمال غيره فأكله ولا يفكر فيما أكل من خبيث وطيب
الفجر :( ٢٠ ) وتحبون المال حبا.....
) وتحبون المال حبا جما ( أي حبا كثيرا والجم الكثير يقال جم الماء في الحوض إذا كثر واجتمع والجمة المكان الذي يجتمع فيه الماء ثم كرر سبحانه الردع لهم والزجر فقال ) كلا ( أي ما هكذا ينبغي أن يكون عملكم
الفجر :( ٢١ ) كلا إذا دكت.....
ثم استأنف سبحانه فقال ) إذا دكت الأرض دكا دكا ( وفيه وعيد لهم بعد الردع والزجر والدك الكسر والدق والمعنى هنا أنها زلزلت وحركت تحريكا بعد تحريك قال ابن قتيبة دكت جبالها حتى استوت قال الزجاج أي تزلزلت فدك بعضها بعضا قال المبرد أي بسطت وذهب ارتفاعها قال والدك حط المرتفع بالبسط وقد تقدم الكلام على الدك في سورة الأعراف وفي سورة الحاقة والمعنى أنها دكت مرة بعد أخرى وانتصاب دكا الأول على أنه مصدر مؤكد للفعل ودكا الثاني تأكيد للأول كذا قال ابن عصفور ويجوز أن يكون النصب على الحال أي حال كونها مدكوكة مره بعد مرة كما يقال علمته الحساب بابا بابا وعلمته


الصفحة التالية
Icon