"""""" صفحة رقم ٤٧٢ """"""
من أمره إلى السنة القابلة وقيل إنها سميت بذلك لعظيم قدرها وشرفها من قولهم لفلان قدر أي شرف ومنزلة كذا قال الزهري وقيل سميت بذلك لأن للطاعات فيها قدرا عظيما وثوابا جزيلا وقال الخليل سميت ليلة القدر لأن الأرض تضيق فيها بالملائكة كقوله ومن قدر عليه رزقه أي ضيق
وقد اختلف في تعيين ليلة القدر على أكثر من أربعين قولا قد ذكرناها بأدلتها وبينا الراجح منها في شرحنا للمنتقى ) وما أدراك ما ليلة القدر ( هذا الاستفهام فيه تفخيم لشأنها حتى كأنها خارجة عن دراية الخلق لا يدريها إلا الله سبحانه قال سفيان كل ما في القران من قوله وما أدراك فقد أدراه وكل ما فيه وما يدريك فلم يدره وكذا قال الفراء والمعنى أي شيء تجعله داريا بها وقد قدمنا الكلام في إعراب هذه الجملة في قوله وما أدراك ما الحاقة
القدر :( ٣ ) ليلة القدر خير.....
ثم قال ) ليلة القدر خير من ألف شهر ( قال كثير من المفسرين أي العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر واختار هذا الفراء والزجاج ولك أن الأوقات إنما يفضل بعضها على بعض بما يكون فيها من الخير والنفع فلما جعل الله الخير الكثير في ليلة كانت خيرا من ألف شهر لا يكون فيها من الخير والبركة ما في هذه الليلة وقيل أراد بقوله ألف شهر جميع الدهر لأن العرب تذكر الألف في كثير من الأشياء على طريق المبالغة وقيل وجه ذكر الألف الشهر أن العابد كان فيما مضى لا يسمى عابدا حتى يعبد الله ألف شهر وذلك ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر فجعل الله سبحانه لأمة محمد عبادة ليلة خيرا من عباده ألف شهر كانوا يعبدونها وقيل إن النبي ( ﷺ ) رأى أعمار أمته قصيرة فخاف أن لا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر فأعطاه الله ليلة القدر وجعلها خيرا من ألف شهر لسائر الأمم وقيل غير ذلك مما لا طائل تحته
القدر :( ٤ ) تنزل الملائكة والروح.....
وجملة ) تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم ( مستأنفة مبينة لوجه فضلها موضحة للعلة التي صارت بها خيرا من ألف شهر وقوله ) بإذن ربهم ( يتعلق بتنزيل أو بمحذوف هو حال أي ملتبسين بإذن ربهم والإذن الأمر ومعنى تنزل تهبط من السموات إلى الأرض والروح هو جبريل عند جمهور المفسرين أي تنزل الملائكة ومعهم جبريل ووجه ذكره بعد دخوله في الملائكة التعظيم له والتشريف لشأنه وقيل الروح صنف من الملائكة هم أشرافهم وقيل هم جند من جنود الله من غير الملائكة وقيل الروح الرحمة وقد تقدم الخلاف في الروح عند قوله يوم يقوم الروح والملائكة صفا قرأ الجمهور تنزل بفتح التاء وقرأ طلحة بن مصرف وابن السميفع بضمها على البناء للمفعول وقوله ) من كل أمر ( أي من أجل كل أمر من الأمور التي قضى الله بها في تلك السنة وقيل إن من بمعنى اللام أي لك أمر وقيل هي بمعنى الباء أي بكل أمر قرأ الجمهور أمر وهو واحد الأمور وقرأ علي وابن عباس وعكرمة والكلبي امرىء مذكر امرأة أي من أجل كل إنسان وتأولها الكلبي على أن جبريل ينزل مع الملائكة فيسلمون على كل إنسان فمن على هذا بمعنى على والأول أولى وقد تم الكلام عند قوله من كل أمر
القدر :( ٥ ) سلام هي حتى.....
ثم ابتدأ فقال ) سلام هي ( أي ما هي إلا سلامة وخير كلها لاشر فيها وقيل هي ذات سلامة من أن يؤثر فيها شيطان في مؤمن أو مؤمنة قال مجاهد هي ليلة سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا ولا أذى وقال الشعبي هو تسليم الملائكة على أهل المساجد من حين تغيب الشمس إلى أن يطلع الفجر يمرون على كل مؤمن ويقولون السلام عليك أيها المؤمن وقيل يعني سلام الملائكة بعضهم على بعض قال عطاء يريد سلام على أولياء الله وأهل طاعته ) حتى مطلع الفجر ( أي حتى وقت طلوعة قرأ الجمهور مطلع بفتح اللام وقرأ الكسائي وابن محيصن بكسرها فقيل هما لغتان في المصدر والفتح أكثر نحو المخرج والمقتل وقيل بالفتح اسم مكان وبالكسر المصدر وقيل العكس وحتى متعلقة