"""""" صفحة رقم ٤٧٦ """"""
الوصف والاستثناء في قوله ) إلا من بعد ما جاءتهم البينة ( مفرغ من أعم الأوقات أي وما تفرقوا في وقت من الأوقات إلا من بعد ما جاءتهم الحجة الواضحة وهي بعثة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بالشريعة الغراء والمحجة البيضاء وقيل البينة البيان الذي في كتبهم أنه نبي مرسل كقوله وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم قال القرطبي قال العلماء من أول السورة إلى قوله ) كتب قيمة ( حكمها فيمن امن من أهل الكتاب والمشركين وقوله ) وما تفرق ( الخ فيمن لم يؤمن من أهل الكتاب والمشركين بعد قيام الحجج
البينة :( ٥ ) وما أمروا إلا.....
وجملة ) وما أمروا إلا ليعبدوا الله ( في محل نصب على الحال مفيدة لتقريعهم وتوبيخهم بما فعلوا من التفرق بعد مجىء البينة أي والحال أنهم ما أمروا في كتبهم إلا لأجل أن يعبدوا الله ويوحدوه حال كونهم ) مخلصين له الدين ( أي جاعلين دينهم خالصا له سبحانه أو جاعلين أنفسهم خالصة له في الدين وقيل إن اللام في ليعبدوا بمعنى أن أي ما أمروا إلا بأن يعبدوا كقوله ) يريد الله ليبين لكم ( أي أن تبين و يريدون ليطفئوا نور الله أي أن يطفئوا قرأ الجمهور مخلصين بكسر اللام وقرأ الحسن بفتحها وهذه الاية من الأدلة الدالة على وجوب النية في العبادات لأن الإخلاص من عمل القلب وانتصاب حنفاء على الحال من ضمير مخلصين فتكون من باب التداخل ويجوز أن تكون من فاعل يعبدوا والمعنى مائلين عن الأديان كلها إلى دين الإسلام قال أهل اللغة أصله أن يحنف إلى دين الإسلام أي يميل إليه ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة أي يفعلوا الصلوات في أوقاتها ويعطوا الزكاة عند محلها وخص الصلاة والزكاة لأنهما من أعظم أركان الدين قيل إن أريد بالصلاة والزكاة ما في شريعة أهل الكتاب من الصلاة والزكاة فالأمر ظاهر وإن أريد ما في شريعتنا فمعنى أمرهم بهما في الكتابين أمرهم باتباع شريعتنا وهما من جملة ما وقع الأمر به فيها ) وذلك دين القيمة ( أي وذلك المذكور من عبادة الله وإخلاصها وإقامة الصلاة والزكاة ) دين القيمة ( أي دين الملة المستقيمة قال الزجاج أي ذلك دين الملة المستقيمة فالقيمة صفة لموصوف محذوف قال الخليل القيمة جمع القيم والقيم القائم قال الفراء أضاف الدين إلى القيمة وهو نعته لاختلاف اللفظين وقال أيضا هو من إضافة الشيء إلى نفسه ودخلت الهاء للمدح والمبالغة
البينة :( ٦ ) إن الذين كفروا.....
ثم بين سبحانه حال الفريقين في الاخرة بعد بيان حالهم في الدنيا فقال ) إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم ( الموصول إسم إن والشركين معطوف عليه وخبرها في نار جهنم و ) خالدين فيها ( حال من المستكن في الخبر ويجوز أن يكون قوله والمشركين مجرورا عطفا على أهل الكتاب ومعنى كونهم في نار جهنم أنهم يصيرون إليها يوم القيامة والإشارة بقوله ) أولئك ( إلى من تقدم ذكرهم من أهل الكتاب والمشركين المتصفين بالكون في نار جهنم والخلود فيها ) هم شر البرية ( أي الخليقة يقال برأ أي خلق والبارىء الخالق والبرية الخليقة قرأ الجمهور البرية بغير همز في الموضعين وقرأ نافع وابن ذكوان فيهما بالهمز قال الفراء إن أخذت البرية من البراء وهو التراب لم تدخل الملائكة تحت هذا اللفظ وإن أخذتها من بريت القلم أي قدرته دخلت وقيل إن الهمز هو الأصل لأنه يقال برأ الله الخلق بالهمز أي ابتدعه واخترعه ومنه قوله من قبل أن نبرأها ولكنها خففت الهمزة والتزم تخفيفها عند عامة العرب
البينة :( ٧ ) إن الذين آمنوا.....
ثم بين حال الفريق الاخر فقال ) إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ( أي جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح ) أولئك ( المنعوتون بهذا ) هم خير البرية ( قال والمراد أن أولئك شر البرية في عصره صلى الله عليه واله وسلم ولا يبعد أن يكون في كفار الأمم من هو شر منهم وهؤلاء خير البرية في عصره صلى الله عليه واله وسلم ولا يبعد أن يكون في مؤمني الأمم السابقة من هو خير منهم
البينة :( ٨ ) جزاؤهم عند ربهم.....
) جزاؤهم عند ربهم ( اي ثوابهم عند خالقهم بمقابلة ما وقع منهم من الإيمان والعمل الصالح