"""""" صفحة رقم ٥٤ """"""
والمعنى صدوا الهدى كراهة أن يبلغ محله أو هو بدل من الهدى بدل اشتمال ومحله منحره وهو حيث يحل نحره من الحرم وكان الهدى سبعين بدنه ورخص الله سبحانه لهم يجعل ذلك الموضع الذي وصلوا إليه وهو الحديبية محلا للنحر وللعلماء في هذا كلام معروف في كتب الفروع ( ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم ) يعني المستضعفين من المؤمنين بمكة ومعنى لم تعلموهم لم تعرفوهم وقيل لم تعلموا أنهم مؤمنين لأن تطئوهم ) يجوز أن يكون بدلا من رجال ونساء ولكنه غلب الذكور وأن يكون بدلا من مفعول تعلموهم والمعنى أن تطئوهم بالقتل والإيقاع بهم يقال وطئت القوم أي أوقعت بهم وذلك أنهم لو كسبوا مكة وأخذوها عنوة بالسيف لم يتميز المؤمنون الذين هم فيها من الكفار وعند ذلك لا يأمنوا أن يقتلوا المؤمنين فتلزمهم الكفارة وتلحقهم سة وهو معنى قوله ( فتصيبكم منهم ) أي من جهتهم ( معرة ) أي مشقة بما يلزمهم في قتلهم من كفارة وعيب وأصل المعرة العيب مأخوذة من العر وهو الحرب وذلك أن المشركين سيقولون إن المسلمين قد قتلوا أهل دينهم قال الزجاج لولا ان تقتلوا رجالا مؤمنين ونساء مؤمنات فتصيبكم منهم معرة أي أثم وكذا قال الجوهري به قال ابن زيد وقال الكلبي ومقاتل وغيرهما المعرة كفارة قتل الخطأ كما في قوله فإن كان من قوم عدولكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وقال ابن إسحاق المعرة غرم الدية وقال قطرب المعرة الشدة وقيل الغم و ( بغير علم ) متعلق بأن تطئوهم أي غير عالمين وجواب لولا محذوف والتقدير لأذن الله لكم أو لما كف أيديكم عنهم واللام في ( ليدخل الله في رحمته من يشاء ) متعلقة بما يدل عليه الجواب المقدر أي ولكن لم يأذن لكم أو كف أيديكم ليدخل الله في رحمته بذلك من يشاء من عباده وهم المؤمنون والمؤمنات الذين كانوا في مكة فيتمم لهم أجورهم بأخراجهم من بين ظهراني الكفار ويفك أسرهم ويرفع ما كان ينزل بهم من العذاب وقيل اللام متعلقة بمحذوف غير ما ذكر وتقديره أو قتلتموهم لأدخلهم الله في رحمته والأول أولى وقيل إن من يشاء عباده ممن رغب في الإسلام من المشركين ( لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما ) التنزيل التميز أي لو تميز الذين آمنوا من الذين كفروا منهم لعذبنا الذين كفروا وقيل التنزيل التفرق أي لو تفرق هؤلاء من هؤلاء وقيل لو زال المؤمنون من بين أظهرهم والمعاني متقاربة والعذاب الأليم هو القتل والأسر والقهر
الفتح :( ٢٦ ) إذ جعل الذين.....
والظرف في قوله ( إذ جعل الذين كفروا ) منصوب بفعل مقدر أي أذكر وقت جعل الذين كفروا ( في قلبوهم الحمية حمية الجاهلية ) وقيل متعلق بعذبنا والحمية الأنفة يقال فلان ذو حمية أي ذوأنفة وغضب أي جعلوها ثابتة راسخة في قلوبهم والجعل بمعنى الإلقاء وحمية الجاهلية بدل من الحمية قال مقاتل ابن سليمان ومقاتل بن حيان قال أهل مكة قد قتلوا أبناءنا وإخواننا ويدخلون علينا في منازلنا فتتحدث العرب أنهم قد دخلوا علينا على رغم أنفنا واللات والعزى لا يدخلونها علينا فهذه الحمية هي حمية الجاهلية التي دخلت قلوبهم وقال الزهري حميتهم أنفتهم من الإقرار للنبي ( ﷺ ) بالرسالة قرأ الجمهور ( لو تزيلوا ) وقرأ أبن أبي عبلة وأبو حيوة وابن عون لو تزايلوا والتزايل التباين فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين ) أي أنزل الطمأنينة والوقار على رسوله وعلى المؤمنين حيث لم يدخلهم ما دخل أهل الكفر من الحمية وقيل ثبتهم على الرضى والتسليم ( وألزمهم كلمة التقوى ) وهي لا إله إلا الله كذا قال الجمهور وزاد بعضهم محمد رسول الله وزاد بعضهم وحده لا شريك له وقال الزهري هي بسم الله الرحمن الرحيم وذلك أن الكفار لم يقروا بها وامتنعوا من كتابتها في كتاب الصلح الذي كان بينهم وبين رسول الله ( ﷺ ) كما ثبت ذلك في كتب الحديث والسير فخص الله بهذه الكلمة المؤمنين وألزمهم بها والأول أولى لأن كلمة التوحيد


الصفحة التالية
Icon