اسم من أسمائه - - سبحانه وتعالى - - أثر من الآثار في الخلق والأمر لابد من ترتبه عليه، كترتب المرزوق والرزق على الرازق، وترتب المرحوم وأسباب الرحمة على الراحم وترتب المرئيات والمسموعات على السميع والبصير، ونظائر ذلك في جميع الأسماء، بل كما يقول ابن القيم عليه -: -: " من كان له نصيب من معرفة أسمائه الحسنى، واستقرأ آثاراها في الخلق والأمر، رأى الخلق والأمر منتظمين بها أكمل نظام، ورأي سريان آثارها فيهما " (١).
ويقول في موضع آخر: " العلم بالأسماء الحسنى أصل للعلم بكل معلوم، فإن المعلومات سواه إما أن تكون خلقًا له تعالى أو أمرًا، إما علم بما كوّنه أو علم بما شرعه، ومصدر الخلق والأمر عن أسمائه الحسنى، وهما مرتبطان بها ارتباط المقتضي بمقتضيه........ (٢) ".
ويقول ابن القيم -: - مبينًا أثر هذه الأسماء في الخلق والأمر: " وأنت إذا فرضت الحيوان بجملته معدومًا، فمن يرزق الرازق سبحانه؟ وإذا فرضت المعصية والخطيئة منتفية عن العالم، فلمن يغفر؟ وعمّن يعفو؟ وعلى من يتوب ويحلم؟، وإذا فرضت الفاقات سُدَّت، والعبيد أغنياء معافون، فأين السؤال والتضرع والابتهال، والإجابة، وشهود الفضل والمنة، والتخصيص بالإنعام والإكرام؟ " (٣).
ولبيان الاسم وأثره، أقول: إن اسم (الحفيظ) يتضمن: حفظًا، وحافظًا، ومحفوظًا، وإذا تكفل الله بحفظ شئ فلا يضيع ولا يتغير ولا يتبدل، فقد وعد بحفظ كتابه، فقال: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ الحجر/٩، إن اسم الله (الحفيظ) متضمن حفظ الله لمخلوقاته: فهو يحفظ السماوات أن تقع على الأرض إلا بإذنه، كما
(٢) بدائع الفوائد (١/١٦٣).
(٣) مدارج السالكين (١/٢٠٨).