وسلب حفظه عنهما ما استطاع أحد غيره أن يمسكهما أو يحفظهما. ومثل ذلك قوله - سبحانه وتعالى - من سورة الحج: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ الحج/٦٥، ومن أجل ذلك ذهب بعض العلماء إلى: أن إفناء الله - سبحانه وتعالى - الأشياء ليس فعلًا، بل هو سلب للفعل، أي أن ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - حين يريد أن يفني شيئًا لا يصدر عنه فعل، وإنما فقط يسلب حفظه عن ذلك الشئ بنفسه. وقد خالف في ذلك الجمهور ونحن معه. ويدخل في الحفظ - أي حفظ ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - الموجودات كل ما من شأنه تيسير الوسائل والأسباب التى بها يؤدي الإنسان ما افترضه ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - عليه من عمارة الكون والانخراط في سلك الطاعة والعبادة.
٥- تدبير الأمر وتصريف الآيات:
فالله - سبحانه وتعالى - ومدبر الأمور كلها ومصرف الشئون جميعها ليس أمر الوجود المطلق، أو الوجود في مجموعة، أو الوجود بصورة كلية كما يزعم الفلاسفة، لكن ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - يدبر أمر كل كبيرة وصغيرة في الوجود، من أقصي المجرات وأعظم الأجرام والأفلاك، إلى أصغر بعوضة في الأحياء، أو ذرة رمل في الجمادات، كل ذلك يدبر ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - أمره، ويصرف شأنه يقول ﴿- سبحانه وتعالى - اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمّىً يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ﴾ الرعد/٢.
٦- إفناء كل شئ وعوده إلى ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - المبدئ المعيد يقول ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ الرحمن/٢٦-٢٧.
٧- إعادة ما يريد ﴿الله﴾ - سبحانه وتعالى - إعادته من الموجودات للحساب والجزاء مثوبة أو عقوبة.


الصفحة التالية
Icon