وهذا مختلق على القاضي، معاذ الله أن يقول ذلك.
ولقد بحثت عن كلماته، ووقفت على كتابه (الانتصار لنقل القرآن) وهو من نفائس كتبه فوجدته قد أشبع القول فيه، ولم يتعرض لفسق، وسبحان الله القاضي أجل من ذلك! أو من طالع كلامه، وجده أشد الخلق تعظيماً للشافعي (١) قلت: وأنا لم أجد ما نسب للباقلاني؛ من القول بالتفسيق في مظان المسألة؛ من كتابه الانتصار (٢).
وقال ابن الحاجب: والقطع بأنها لم تتواتر في أوائل السور قرآ ناً، فليست بقرآن فيها قطعًا (٣). أهـ
أدلة القول الأول:
أمَّا القطع بالإثبات الذي ذهب إليه ابن أبي هريرة ومن وافقه، فلم أقف له على دليل؛ بل نقل النووي وغيره إنكار إمام الحرمين عليه، حيث قال: وضعف إمام الحرمين وغيره، قول من قال: إنها قرآن على سبيل القطع، قال الإمام: وهذه غباوة عظيمة من قائل هذا؛ لأن ادعاء العلم حيث لا قاطع محال (٤).
فإن قيل: فالأدلة الدالة على إثبات قرآنيتها حيثما وردت، كيف العمل بها؟
قلتُ: أولاً: تلك الأدلة لم تفد القطع عند المخالف.
ثانيًا: إذا سلم إفادتها القطع؛ فإنَّمَا نشأ ذلك القطع، عن خبر الواحد المحتف بالقرآن، لا من التواتر (٥).
وأمَّا ما حكي عن سليم الرازي، من لزوم التكفير للنافي، والتفسيق للتارك لها، على القول بأنها من الفاتحة قطعًا، فيمكن أن يجاب عنه بجوابين:

(١) رفع الحاجب ٨٩ / ٢، وانظر: ما نسب إلى الباقلاني من قوله بتفسيق المخطئ لدى الرازي في التفسير الكبير١/٢٠٠.
(٢) انظر: الانتصار ٠ ٢٦٦ - ٢٠٦ / ١
(٣) المختصر بشرح العضد. ١٩ / ٢
(٤) المجموع شرح المهذب. ٣٣٣ / ٣
(٥) انظر: بيان المختصر ٤٦٤ / ١، وتيسير التحرير ٧ / ٣، والغيث الهامع. ١٠٢ / ١


الصفحة التالية
Icon