رابعًا: أنّ في إثباتها في المصحف، لمجرد الفصل وليست بقرآن، تغريرًا لايجوز ارتكابه.
ثانيًا: وهو دليل على أنها ليست من الفاتحة، ما روى عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - يَقُولُ «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِى وَبَيْنَ عَبْدِى نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِى مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ). قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حَمِدَنِى عَبْدِى وَإِذَا قَالَ (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ). قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَثْنَى عَلَىَّ عَبْدِى. وَإِذَا قَالَ (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ). قَالَ مَجَّدَنِى عَبْدِى فَإِذَا قَالَ (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ). قَالَ هَذَا بَيْنِى وَبَيْنَ عَبْدِى وَلِعَبْدِى مَا سَأَلَ. فَإِذَا قَالَ (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ). قَالَ هَذَا لِعَبْدِى وَلِعَبْدِى مَا سَأَلَ» (١).
وجه الدلالة: دلّ الحديث على أن البسملة ليست آية من الفاتحة، وإلاَّ لعدها وبدأ بها؛ فلو كانت منها لما تحقق التنصيف في القسمة؛ بل يكون ما لله تعالى أكثر مِمَّا للعبد، فآيات الثناء أربع آيات، ونصف، وآيات الدعاء آيتان ونصف، وهذا خلاف تصريح الحديث بالتنصيف.
واعترض على الاستدلال بهذا الحديث باعتراضات:
أولها: أنه معارض برواية الدارقطني والبيهقي فلفظها: يقول عبدي: إذا افتتح الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم فيذكرني عبدي (٢).

(١) الحديث أخرجه مسلم في كت اب: الصلاة، باب: باب: وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة ٩ / ٢ عن أبي هريرة - رضي الله عنه - بهذا اللفظ الموجود.
(٢) انظر الاعتراض برواية الدارقطني في: المغني، ١٥٣ - ١٥٢ / ٢،: والمجموع ٣٣٨ / ٣، ونصب الراية ١/ ١٣٩ - ١٤٠.
ثم هذه الرواية أخرجها الدارقطني في سننه، في كتاب الصلاة، باب: وجوب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة ٣١٢ / ١ ثم قال: " ابن سمعان هو: عبدالله بن سمعان بن زياد، متروك الحديث، وروى هذا الحديث جماعة من الثقات... فلم يذكر أحد منهم في حديثه بسم الله الرحمن الرحيم، واتفاقهم على خلاف ما رواه ابن سمعان أولى بالصواب ".
وفي نصب الراية ": ٣٤٠ / ١ وزيادة البسملة في حديث العلاء باطلة قطعاً، زادها ابن سمعان خطأً أو عمد " ثم ذكر في نفس الموضع: أنّ الإمام مالك ويحيى بن معين وأبا داود قالوا عنه: كان من الكذابين. كما قال عنه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي: متروك الحديث.


الصفحة التالية
Icon