الدليل السابع: ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - أنّ النبي - ﷺ - قال: إذا قرأتم (الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَا لَمِينَ) فاقرؤوا (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ؛ فإنها أم الكتاب والسبع المثانى وآية منها (١).
فهو صريح الدلالة على أنها آية من الفاتحة (٢).
وأُجيب عنه: بأنه موقوف على أبي هريرة س ورفعه إنَّمَا كان وهمًا، كذا قاله الجصاص وتابعه ابن قدامة (٣)، وهو قول جمهور أهل الحديث (٤).
وقد أجاب ابن العربي، والقرطبي من المالكية عن هذه الأحاديث وما في معناها:
بأنها محمولة على النفل، أو السعة في ذلك، فيستحب عندهم قراءة البسملة في النفل (٥).
وقال الأنصاري من الحنفية- بعد أن ذكر معارضة الأخبار بالقاطع-: وهذا هو الجواب عن أخبار الآحاد التي توهم الجزئية، بل يجب أن تكون هذه الأخبار مقطوع السهو، وإلاَّ لتواترت، ولذا لم توجد في المعتبرات؛ كالصحيحين فافهم (٦).
قلتُ: قد أورد السيوطي خمسة عشر أثرًا، منها الثلاثة السابقة، ثم قال: فهذه الأحاديث تعطي التواتر المعنوي، بكونها قرآ نًا منْزلًا في أوائل السور (٧).

(١) الحديث أخرجه الدارقطني في سننه بهذا اللفظ في كتاب الصلاة، باب: وجوب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم ٣١٢ / ١ عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ثم قال: قال أبو بكر الحنفي: ثم لقيت نوحاً فحدثني عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة بمثله ولم يرفعه.
وقال في نصب الراية: ٣٤٣ / ١ الصواب فيه الوقف.
وقال ابن حجر في التلخيص: ٢٣٣ / ١ وصحح غير واحد من الأئمة وقفه على رفعه، وأعله ابن القطان بهذا التردد. يعني بين الرفع والوقف.
(٢) انظر الدليل ووجه الدلالة منه في: الإتقان في علوم القرآن. ٧٩ / ١
(٣) انظر: أحكام القرآن للجصاص ١١ / ١، والمغني. ١٥٣ / ٢
(٤) انظر: التلخيص الحبير ٠ ٢٣٣ / ١
(٥) انظر: أحكام القرآن لابن العربي ٣ / ١، والجامع لأحكام القرآن. ١٣٢ / ١
(٦) فواتح الرحموت. ١٥ / ٢
(٧) الإتقان في علوم القرآن. ٧٩ / ١


الصفحة التالية
Icon