لقوله - ﷺ -: «كُلُّ كَلاَمٍ أَوْ أَمْرٍ ذِى بَالٍ لاَ يُفْتَحُ بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ أَبْتَرُ أَوْ قَالَ أَقْطَعُ» (١). وإلا كان فعلًا كلا فعل جعل فعله مفعولًا باسم الله كما يفعل الكتب بالقلم.
والثاني أن يتعلق بها تعلق الدهن بالإنبات في قوله (تَنبُتُ بِالدُّهْنِ) المؤمنون/٢٠ على معنى: متبركًا بسم الله أقرأ وكذلك قول الداعي للمعرس بالرفاة والبنين معناه أعرست ملتبسًا بالرفاة والبنين وهذا الوجه أعرب وأحسن. فإن قلت فكيف قال الله تبارك وتعالى متبركًا باسم الله أقرأ قلت: هذا مقول على ألسنة العباد كما يقول الرجل الشعر على لسان غيره. اهـ
ولحذف العامل في بسم الله فوائد عديدة:
* منها أنه موطن لا ينبغي أن يتقدم فيه سوى ذكر الله، فلو ذكرت الفعل وهو لا يستغني عن فاعله كان ذلك مناقضاً للمقصود. فكان في حذفه مشاكلة اللفظ للمعنى ليكون المبدؤ به اسم الله كما نقول في الصلاة: الله أكبر ومعناه من كل شيء ولكن لا نقول هذا المقدر ليكون اللفظ مطابقاً لمقصود الجنان وهو أن لا يكون في القلب إلا الله وحده، فكما تجرد ذكره في قلب المصلي تجرد ذكره في لسانه.
* ومنها أن الفعل إذا حذف صح الابتداء بالتسمية في كل عمل وقول وحركة، وليس فعل أولى بها من فعل. فكان الحذف أعمّ من الذكر فإن أي فعل ذكرته كان المحذوف أعمّ منه.
* ومنها أن الحذف أبلغ، لأن المتكلم بهذه الكلمة كأنه يدعي الاستغناء بالمشاهدة عن النطق بالفعل فكأنه لا حاجة إلى النطق به، لأن المشاهدة والحال دالّة على أن هذا وكل فعل فإنّما هو باسمه تبارك وتعالى.

(١) رواه أحمد (٨٩٤٦)


الصفحة التالية
Icon