" حدث في دهرنا هذا حماقات خاض فيها أهل الجهل والغباء، ونوكي (١) الأمة، والرعاع يتعب إحصاؤها، ويملّ تعدادها، فيها القول في اسم الشئ أهو هو، أم هو غيره " (٢).
ويرى أبو حامد الغزالي أن مسألة الاسم والمسمّي: طويلة الذيل قليلة النيل، قليلة الجدوي (٣).
وقد ناقشه السهيلي في هذه المقولة، وبين أن الأمر عنده ليس كما ذكره الغزالي، فنيلها كثير لمن نظر واستبصر (٤).
والحق في هذه المسألة مع الغزالي-:- إذ التحقيق - عند من علَّمه الله علمًا نافعًا - أن البحث عن أمثال تلك المباحث من باب الخوض فيما لا يعني، وقد قال رسول الله < «مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ» (٥). وقد حكى الله - سبحانه وتعالى - عن حال أهل النار قولهم (وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ) المدثر/٤٥.
ولم ير المسلمون في آية من آيات الكتاب العزيز، أو حديث من أحاديث النبي< ذكر الاسم وكونه هو المسمّى أو غيره، وأن الصفات زائدة على الذات أم لا؟، ولذا كان السلف الصالح في غفلة من هذا، بل في عافية تامة من ذلك، ثم جرى إبليس من بني آدم مجري الدم في هذه المسألة، ولبّس على الكثير من المتكلمين والصوفية فخاضوا في هذه الخرافات، وحسبوا أنهم أحسنوا صنعًا ولم يعلموا أن هذا الصنيع عن مقاصد الدين بمعزل، فرحم الله

(١) الأنوك: أي الأحمق
(٢) صريح السنة ص١٧
(٣) المقصد الأسنى ص٣١
(٤) نتائج الفكر ص٣٨
(٥) رواه الترمذي (٢٤٨٧)


الصفحة التالية
Icon