الرجل غيره باسم أو يتكلم باسمه. فهذا الاسم نفسه ليس قائمًا بالمسمّى؛ لكن المقصود به المسمّى فإن الاسم مقصوده إظهار المسمّى وبيانه.
وهو مشتق من (السمو) وهو العلو كما قال النحاة البصريون وقال النحاة الكوفيون هو مشتق من (السمة) وهي العلامة وهذا صحيح في (الاشتقاق الأوسط) وهو ما يتفق فيه حروف اللفظين دون ترتيبهما فإنه في كليهما (السين والميم والواو) والمعنى صحيح فإن السمة والسيما العلامة. ومنه يقال: وسمته أسمه كقوله (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) القلم/١٦، ومنه التوسم كقوله (لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ) الحجر/٧٥، لكن اشتقاقه من (السمو) هو الاشتقاق الخاص الذي يتفق فيه اللفظان في الحروف وترتيبها ومعناه أخص وأتم فإنهم يقولون في تصريفه سميت ولا يقولون وسمت وفي جمعه أسماء لا أوسام وفي تصغيره سمي لا وسيم. ويقال لصاحبه مسمّى لا يقال موسوم وهذا المعنى أخص.
فإن العلو مقارن للظهور، كلما كان الشيء أعلى كان أظهر وكل واحد من العلو والظهور يتضمن المعنى الآخر ومنه قول النبي - ﷺ - في الحديث الصحيح (١) (وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَىْءٌ) ولم يقل فليس أظهر منك شيء؛ لأن الظهور يتضمن العلو والفوقية؛ فقال: (فليس فوقك شيء). ومنه قوله (فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ) الكهف/٩٧، أي يعلوا عليه.
ويقال ظهر الخطيب على المنبر إذا علا عليه. ويقال للجبل العظيم عَلَم؛ لأنه لعلوه وظهوره يعلم ويعلم به غيره. قال تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ) الشورى/٣٢، وكذلك (الراية العالية) التي يعلم بها مكان الأمير والجيوش يقال لها علم وكذلك العلم في الثوب لظهوره كما يقال لعرف الديك وللجبال العالية أعراف لأنها لعلوها تعرف فالاسم يظهر به المسمّى ويعلو؛ فيقال للمسمّى: سمه: أي أظهره وأعله أي أعل ذكره بالاسم الذي يذكر به؛ لكن يذكر تارة بما يحمد به ويذكر تارة بما

(١) رواه مسلم (٧٠٦٤).


الصفحة التالية
Icon