فهى مواقف لأناس آمنوا بالله سبحانه وعملوا الصالحات، بل منهم من هاجر فى سبيل دينه، ومنهم من أخرج عنوة من دياره، ومنهم من أُوذى من أجل دعوته، ومنهم من ارتفعت نفسه حتى قاتل فى سبيل الله، بل منهم من استشهد فى سبيل الله. ألا تكون كل هذه مواقف مشرقة سلط القرآن الكريم الضوء عليه وجعلها مثالا يُحتذى لكل من يريد أن يرتفع بنفسه !
ملحوظة ٣ :
وقد يقول قائل لماذا جاءت كلمة رجل فى بعض الآيات ولم تأت كلمة ذكر ؟
والجواب - والله أعلم - :-
أن الله ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾٢، وكل كلمة فى القرآن لو بدلت مكانها كلمة أخرى حتى لو كانت من مرادفاتها اللغوية لاختل المعنى وصدق الله الذى وصف كتابه فى سورة فصلت بقوله :﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾٣. ويمكن لسائل أن يسأل ضد هذا السؤال فى الآيات السابقة عن الذكر والأنثى فيقول : لماذا جاءت كلمة ذكر ولم تأت كلمة رجل ؟ والجواب ما سبق والله أعلم.
هذا.. وما أجمل أن يتدارس المسلمون كتاب ربهم ويتعايشون معه فى روح من الألفة يعلوها البحث العلمى الدقيق وتحدوها روح الأخوة والتناصح وقد كان الصحابة يتعاملون مع كتاب الله بهذه الصورة فها هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يقف ليرغب الناس فى عدم غلاء مهور النساء فذكرته امرأة بقول الله سبحانه
﴿ وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً ٢٠﴾ سورة النساء آية ٢٠.
فقال بروح علمية عالية :( أصابت المرأة وأخطأ عمر ). وفى رواية :(كل الناس أفقه منك يا عمر ).
بل كان الصحابة والتابعون يضربون أكباد الإبل شهورا للبحث عن معنى آية أو حديث.