أحدها: أنه ثبت بالأخبار القريبة من التواتر أن شقا وسطيحا كانا كاهنين يخبران بظهور محمد صلّى الله عليه وسلم قبل زمان ظهوره وكانا في العرب مشهورين بهذا النوع من العلم حتى رجع إليهما كسرى في تعرّف أخبار رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
وثانيها: إطباق الأمم على صحة علم التعبير فيخبر المعبر عمّا يأتي في المستقبل ويكون صادقا.
وثالثها: أن الكاهنة البغدادية التي نقلها السلطان سنجر بن ملكشاه من بغداد إلى خراسان سألها عن أشياء في المستقبل فأخبرت بها ووقعت على وفق كلامها فقد رأيت أناسا محققين في علوم الكلام والحكمة حكوا عنها أنها أخبرت عن الأشياء الغائبة على سبيل التفصيل وجاءت كذلك، وبالغ أبو البركات صاحب المعتبر في شرح حالها في كتاب التعبير وقال: فحصت عن حالها منذ ثلاثين سنة حتى تيقنت أنها كانت تخبر عن المغيبات أخبارا مطابقة موافقة.
ورابعها: أنّا نشاهد أصحاب الإلهامات الصادقة وليس هذا مختصا بالأولياء فقد يوجد في السحرة وفي الأخبار النجومية ما يوافق الصدق وإن كان الكذب يقع منهم كثيرا وإذا كان ذلك مشاهدا محسوسا فالقول بأن القرآن يدل على خلافه مما يجر إلى الطعن بالقرآن وذلك باطل فعلمنا أن التأويل الصحيح ما ذكرناه».
وتعقبه أبو حيان فقال: «وإنما أوردنا كلام هذا الرجل في هذه المسألة لننظر فيما ذكر من تلك الوجوه، أما قصة شق وسطيح فليس فيها شيء من الإخبار بالغيب لأنه فما يخبر به رئي الكهان من الشياطين مسترقة السمع كما جاء في الحديث أنهم يسمعون وبل الكلمة ويكذبون ويلقون إلى الكهنة وتزيد الكهنة للكلمة مائة كذبة


الصفحة التالية
Icon