وحميما بدل من شرابا لأن الكلام غير موجب وغساقا عطف عليه، وهذا أسهل مما سلكه المفسرون فقد قال بعضهم أنه استثناء منقطع وعليه جرى في الكشاف قال: «لا يذوقون فيها بردا ينفّس عنهم حرّ النار ولا شرابا يسكن عطشهم ولكن يذوقون فيها حميما» وتبعه الجلال، وقال أبو حيان: «الظاهر أنه متصل من قوله ولا شرابا» (جَزاءً وِفاقاً) جزاء مصدر منصوب بفعل محذوف أي جوّزوا بذلك جزاء ووفاقا نعت لجزاء فتكون الجملة مستأنفة (إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً) الجملة تعليل لقوله جزاء وإن واسمها وجملة كانوا خبر إنهم وكان اسمها وجملة لا يرجون خبرها وحسابا مفعول يرجون أي محاسبة (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً) الواو عاطفة وكذبوا فعل وفاعل وبآياتنا متعلقان بكذبوا وكذابا مفعول مطلق أي تكذيبا وفعّال في باب فعّل كله فاش في كلام فصحاء العرب لا يكادون يقولون غيره، قال الزمخشري: «وسمعني بعضهم أفسّر آية فقال: لقد فسّرتها فسارا ما سمع بمثله وقرىء بالتخفيف وهو مصدر كذب بدليل قوله:
فصدقتها وكذّبتها... والمرء ينفعه كذابه»

(وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً) الواو عاطفة وكل شيء منصوب على الاشتغال أي وأحصينا كل شيء أحصيناه وهذه الجملة معترضة بين السبب ومسبّبه فإن قوله الآتي: فذوقوا مسبّب عن تكذيبهم وفائدة الاعتراض تقرير ما ادّعاه من قوله جزاء وفاقا، وجملة أحصيناه مفسّرة لا محل لها وأحصيناه فعل ماض وفاعل ومفعول به وكتابا يجوز أن يكون مصدرا من معنى أحصيناه أي إحصاء وأحصيناه بمعنى كتبنا لالتقاء الإحصاء والكتبة في معنى الضبط والتحصيل أو يكون مصدر لأحصينا ويجوز أن يكون حالا بمعنى مكتوبا (فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً) الفاء تعليلية لأنه- كما قلنا- مسبّب عن كفرهم بالحساب وتكذيبهم بالآيات،


الصفحة التالية
Icon