العظام فحتف النفوس قد يكون الأمر الذي لا يؤبه له» ولا يخفى ما في هذا القول من الرصانة والقوة فتنبّه لهذا الفصل الذي وإن طال بعض الطول فهو كالحسن ليس بمملول.
٢- الخيال: تختلف الخياليات باختلاف الأسباب والعادات والعرف العام فتتفاوت بالأمم فلا يستنكر قوله تعالى في هدايتهم إلى الاستدلال على الصانع الحكيم «أفلا ينظرون إلى الأمم كيف خلقت» إلخ إلا من يجهل أن الخطاب مع العرب وما في خيالهم إلا الإبل لأن معظم انتفاعهم في مطاعمهم وملابسهم ومتاجرهم منه وإلا أرض ترعاها الإبل وإلا سماء تسقيهم وإياها وإلا جبال هي معاقلهم عند شنّ الغارات، فظهر أن من وقف على أحوال العربي البدوي يعرف وجه تقارن الصور المذكورة في أذهانهم ووجه وقوعها في القرآن العظيم على المنهج المذكور، ومن أنكره من أهل الحضر فذلك لجهله بمقتضى الحال، ولقد أحسن المتنبي إذ قال:
وكم من عائب قولا صحيحا | وآفته من الفهم السقيم |