اسم الفاعل وما جرى مجراه حالة إسناده أو الوصف به لا يتعين حمله على الحال بل يكون للماضي تارة وللحال أخرى وللمستقبل أخرى وهذا من مبادئ علم النحو وأما قوله وكفاك دليلا قاطعا إلخ فليس بشيء لأنّا لم نحمل وأنت حل على أنه يحلّ لك ما تصنع في مكة من الأسر والقتل وقت نزولها بمكة فتنافيا بل حملناه على أنه مقيم بها خاصة وهو وقت النزول كان مقيما بها ضرورة وأيضا فما حكاه من الاتفاق على أنها نزلت بمكة ليس بصحيح وقد يحكى الخلاف فيها عن قوم» وإنما أوردنا هذا النقاش وقوة الحجة لدى المتناقشين مما حدا بالمفسرين جميعا على وجه التقريب التزام الحياء في هذا النزاع ولهذا لم نشأ نحن الترجيح أيضا، على أن الكرخي أيّد وجهة نظر الزمخشري إذ قال: «أقسم الله بالبلد الحرام على أنه خلق الإنسان في كبد واعترض بينهما بأن وعده فتح مكة تتميما للتسلية لقوله وأنت حلّ أي به في المستقبل تصنع ما تريد من القتل والأسر» وكذلك أيّد الجلال في تفسيره الزمخشري فقال «فالجملة اعتراض بين المقسم والمقسم عليه» وتعقبه السمين فأورد كلامه وقال: «وقيل إنها حالية ولا نافية أي لا أقسم بهذا البلد وأنت حال مقيم به لعظيم قدرك أي لا أقسم بشيء وأنت أحقّ بالإقسام بك منه» وأيّد ابن خالويه أبا حيان (وَوالِدٍ وَما وَلَدَ)
عطف على القسم السابق والمراد بالوالد آدم وما عطف على والد وجملة ولد صلة أي ذريته، وأحسن من ذلك ما قاله أبو حيان: «والظاهر أن قوله ووالد وما ولد لا يراد به معين بل ينطلق على كل والد» أما الزمخشري فقد جنح إلى رأي آخر فقال: «فإن قلت: ما المراد بوالد وما ولد؟ قلت رسول الله صلّى الله عليه وسلم ومن ولده أقسم ببلده الذي هو مسقط رأسه وحرم أبيه إبراهيم ومنشأ أبيه إسماعيل عليهما السلام وبمن ولده وبه فإن قلت لم نكر؟ قلت للإبهام المستقل بالمدح والتعجب فإن قلت فهلّا قيل ومن ولد؟ قلت فيه ما في قوله: والله أعلم بما وضعت يعني


الصفحة التالية
Icon