لا يكون مأخوذا من السنّة أو من الآية بطريق القياس بل لا يجوز القول بعموم الآية وإن كل صلح خير لأن ما أحلّ حراما من الصلح أو حرّم حلالا فهو ممنوع وكذا آية القتال ليس الثاني فيها عين الأول بلا شك لأن المراد بالقتال المسئول عنه هو القتال الذي وقع في سرية ابن الحضرمي سنة اثنتين من الهجرة لأنه سبب نزول الآية والمراد بالثاني جنس القتال لا ذاك القتال بعينه فتأمل هذا وخرج ما أشكل عليك. فإن قلت: فما تصنع بآية «وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله» ألا تراك قد أغفلت الكلام عليها؟ قلت: قال ابن السبكي نفسه: إن قوله إله في الآية بمعنى معبود والاسم المشتق إنما يقصد به ما تضمنه من الصفة فأنت إذا قلت: زيد ضارب عمرا وضارب بكرا لا يتخيل أن الثاني هو الأول وإن أخبر بهما عن ذات واحدة فإن المذكور بالحقيقة إنما هو الضربان لا الضاربان ولا شك في أن الضربين مختلفان، ونستنتج من هنا أن النكرتين في الآية لم يقصد منهما سوى الصفة وهي العبادة ولا شك في أن العبادتين متغايرتان فالنكرة الثانية غير الأولى باعتبار المقصود وإن وقعتا على ذات واحدة فلم تخرج الآية أيضا عن القاعدة (فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ) الفاء عاطفة على مقدّر يستحقه المقام ولك أن تجعلها استئنافية كأنها جواب لسؤال نشأ وهو ماذا بعد الشكر والعبادة والاجتهاد فيهما فقال فإذا فرغت أي من الصلاة وغيرها من أنواع العبادات وعن الحسن فإذا فرغت من الغزو فاجتهد في العبادة ولكن هذا يتعارض مع كون السورة مكية والأمر بالجهاد إنما كان بعد الهجرة فلعله تفسير ابن عباس الذاهب إلى أن السورة مدنيّة، وإذا ظرف لما يستقبل من الزمن متضمن معنى الشرط متعلق بالجواب وجملة فرغت في محل جر بإضافة الظرف إليها والفاء رابطة وانصب فعل أمر وفاعل مستتر والجملة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم