لولا تحقق البواعث والإرادات في القلوب لما حصلت أفعال الجوارح» وهذا كلام جيد فتدبره (إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ) الجملة تعليل لعامل إذا المحذوف وهو مفعول يعلم أي أفلا يعلم أنّا نجازيه وقت ما ذكر ثم علّل ذلك بقوله إن ربهم إلخ وإن واسمها وبهم متعلقان بخبير ويومئذ ظرف متعلق بخبير أيضا واللام المزحلقة وخبير خبر إن.
البلاغة:
١- في المخالفة بين المعطوف والمعطوف عليه بقوله «فأثرن به نقعا» إذ عطف الفعل على الاسم الذي هو العاديات وما بعده لأنها أسماء فاعلين تعطي معنى الفعل سر بديع، وهو تصوير هذه الأفعال في النفس وتجسيدها أمام العين، فإن التصوير يحصل بإيراد الفعل بعد الاسم لما بينهما من التخالف وهو أبلغ من التصوير والتجسيد بالأسماء المتناسقة وكذلك التصوير بالمضارع بعد الماضي وقد تقدمت له شواهد أقربها قول عمرو بن معد يكرب:

بأني قد لقيت الغول تهوي بسهب كالصحيفة صحصحان
فأضربها بلا دهش فخرت صريعا لليدين وللجران
٢- وفي قوله «فالموريات قدحا» استعارة في الخيل تشعل الحرب فهي استعارة تصريحية شبّه الحرب بالنار المشتعلة وحذف المشبه وأبقى المشبه به قال تعالى: كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله، ويقال حمى الوطيس إذا اشتدت الحرب.
٣- وفي قوله «إن ربهم بهم يومئذ لخبير» تجنيس التحريف وبعضهم يسمّيه «الجناس المحرّف» وهو الذي يكون الضبط فيه فارقا بين الكلمتين أو بعضهما، وهو أيضا ما اتفق ركناه في أعداد الحروف


الصفحة التالية
Icon