فإذا أضفنا إلى ما تقدم من فنون ما تميزت به الآيتان من «حسن الافتتان» و «جمال النسق» و «روعة العبارة» و «نصاعة البيان» تبين لك الى أي مدى وصلتا اليه من إعجاز وسمو تميز بهما كتاب الله العظيم.
الفوائد:
اختلف أهل العربية في المعنى الذي جلب الباء في قوله تعالى: «إلا بحبل من الله وحبل من الناس» فقال بعض نحويي الكوفة وعلى رأسهم الفراء في كتابه «معاني القرآن» : الذي جلب الباء في قوله: بحبل، فعل مضمر قد ترك ذكره. ومعنى الكلام: ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا أن يعتصموا بحبل من الله، فأضمر في ذلك. واستشهد الفراء بقول حميد بن ثور الهلالي:
رأتني بحبليها فصدت مخافة | وفي الحبل روعاء الفؤاد فروق |
حنتني حانيات الدهر حتى | كأني خاتل أدنو لصيد |
قريب الخطو يحسب من رآني | ولست مقيدا أني بقيد |
إلى أن يقول: وقال بعض نحويي البصرة: قوله: «إلا نحبل من الله» استثناء خارج من أول الكلام، قال الفراء: وليس ذلك بأشد