الجاهلي وفيما يلي خلاصة هذا البحث القيم: يثبت الدكتور طه أن هنالك خلافا جوهريا بين اللغة التي يصطنعها الناس في جنوب البلاد العربية واللغة التي كانوا يصطنعها في شمال هذه البلاد وينتهي من إثبات ذلك الى القول بأن القدماء المحدثين مضطربون في تحديد ما ينبغي أن يفهم من لفظ العرب وفي تحديد ما ينبغي أن يفهم من لفظ اللغة العربية وهذا الاضطراب ليس من شأنه أن يعين على التحقيق العلمي ثم يمضي الأستاذ في ذكر الفروق بين لغة عرب الجنوب وعرب الشمال ويورد بعض النصوص التي كشفها الأستاذ جويدي من اللغة الحميرية وكيف أنها تختلف اختلافات كثيرة جدا عن اللغة الحجازية القرشية التي نعرفها ومثال هذا النص الذي يقول: «وهبم واخهو بنو كلبت هقنيو الى مقه ذهرن ذن فرندن حجن وقههمو بمسألهو لو فيهمو وسعدهمو نعمتم» ومعناها: «وهاب (اسم رجل) وأخوه بنو كلب أعطوا المقة (اسم إله في هران) هذا اللوح لأنه أجابهم عن سؤالهم وسلمهم وساعدهم بنعمته» ويمضي في هذا البحث الطويل الى أن يقول: «إن القرآن الذي تلي بلغة واحدة ولهجة واحدة هي لغة قريش ولهجتها لم يكد يتناوله القراء من القبائل المختلفة حتى كثرت قراءاته وتعددت اللهجات فيه وتباينت تباينا كثيرا حيّر القراء والعلماء المتأخرون في ضبطه وتحقيقه وأقاموا له علما أو علوما خاصة ولسنا نشير هنا الى هذه القراءات التي تختلف فيما بينها اختلافا كثيرا في ضبط الحركات سواء أكانت حركة بنية أو حركة إعراب، لسنا نشير الى اختلاف القراء في نصب الطير في الآية: «يا جبال أوّبي معه والطير» أو رفعها ولا إلى اختلافهم في ضم الفاء أو فتحها في الآية «لقد جاءكم رسول من أنفسكم» انما نشير الى اختلاف آخر في القراءات يقبله العقل ويسيغه النقل وتقتضيه ضرورة اختلاف اللهجات بين قبائل العرب التي


الصفحة التالية
Icon