السَّاجِدِينَ)
الفاء الفصيحة وسبح بحمد ربك تقدم إعرابه قريبا وكن مع الساجدين كان واسمها ومع ظرف مكان متعلق بمحذوف خبرها والساجدين مضاف اليه. (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) حتى حرف غاية وجر ويأتيك فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتى والكاف مفعول به واليقين فاعل وسمي الموت يقينا لأنه متيقن الوقوع.
البلاغة:
١- في قوله «فاصدع بما تؤمر» استعارة مكنية فالمستعار منه الزجاجة والمستعار الصدع وهو الشق والمستعار له هو عقوق المكلفين وهو من استعارة المحسوس للمعقول وقد تقدمت الاشارة الى أقسام الاستعارة والمعنى صرح بجميع ما أوحي إليك وبين كل ما أمرت ببيانه وإن شق ذلك على بعض القلوب فانصدعت والمشابهة بينهما فيما يؤثره التصديع في القلوب فيظهر أثر ذلك على ظاهر الوجوه من التقبض والانبساط ويلوح عليها من علامات الإنكار والاستبشار كما يظهر ذلك على ظاهر الزجاجة المصدوعة فانظر الى هذه الاستعارة ما أروعها وما أبعد دلائلها ومراميها وما أوجزها لأنها وقعت في ثلاث كلمات انطوت على ما يستوعب الصفحات، قال عبد الله بن عبيدة ما زال النبي ﷺ مستخفيا حتى نزلت هذه الآية فخرج هو وأصحابه.
ويروى أن بعض الأعراب لما سمع هذه اللفظات الثلاث سجد فقيل له: لم سجدت؟ فقال: سجدت لفصاحة هذا الكلام لأنه أدرك منه بديها من غير تأمل كل ما أدركناه بعد الروية والنظر ومن هذا يتبين لك أن العرب تيقنت من أول ما سمعت القرآن أنه غير مقدور للبشر فلم تشتغل بالمعارضة ولا حدثت نفوسها بها.