الظاهر عكسه لأن الخطاب لعباد الأوثان حيث سموها آلهة تشبيها به تعالى فجعلوا غير الخالق كالخالق فجاءت المخالفة في الخطاب كأنهم لمبالغتهم في عبادتها ولا سفافهم- بالتالي- وارتكاس عقولهم صارت عندهم كالأصل وصار الخالق الحقيقي هو الفرع فجاء الإنكار على وفق ذلك. وللتشبيه المقلوب أسرار كثيرة ومنها هذا السر الذي ألمعنا اليه ومنها أن ينسى الإنسان أن المشبه به هو المقدّم لشدة ولعه بالمشبه فيعكس التشبيه كما فعل البحتري في وصف البركة التي بناها المتوكل على الله إذ قال:

كأنها حين لجت في تدفقها يد الخليفة لمّا سال واديها
والمعهود أن تشبه يد الخليفة في تدفقها بالكرم بالبركة إذا تدفقت بالماء.
هذا وقد جرى الشعراء على مذهب القلب كثيرا فمنهم من أصاب كما أصاب أبو عبادة البحتري ومنهم من أخطأ وتعسف، وزعم أبو بكر الصولي أن أبا تمام قد أخطأ في قلبه بقوله:
طلل الجميع لقد عفوت حميدا وكفى على رزئي بذاك شهيدا
قال أبو بكر: «أراد وكفى بأنه مضى حميدا شاهدا على اني رزئت وكان وجه الكلام أن يقول: وكفى برزئي شاهدا على أنه مضى حميدا لأن حمد أمر الطلل قد مضى وليس بشاهد ولا بمعلوم ورزؤه بما ظهر من تفجعه شاهد معلوم فلأن يكون الحاضر شاهدا على الغالب أولى من أن يكون الغائب شاهدا على الحاضر» ومضى الصولي في نقده منكرا أن يكون القلب قد ورد في القرآن وان ما احتج به أصحاب


الصفحة التالية
Icon