وأبدا ظرف متعلق بتقبلوا وأولئك الواو عاطفة وأولئك مبتدأ وهم ضمير فصل أو خبر ثان والفاسقون خبر أولئك أو خبر هم والجملة بمثابة الخبر الثالث للذين. (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) إلا أداة استثناء والذين مستثنى من الفاسقين واختلف في هذا الاستثناء فقيل هو متصل لأن المستثنى منه في الحقيقة الذين يرمون والتائبون من جملتهم لكنهم مخرجون من الحكم وهذا شأن المتصل، وقيل هو منقطع لأنه لم يقصد إخراجه من الحكم السابق بل قصد إثبات أمر آخر له وهو أن التائب لا يبقى فاسقا ولأنه غير داخل في صدر الكلام لأنه غير فاسق وجملة تابوا صلة الموصول، ومن بعد ذلك متعلقان بتابوا، وأصلحوا عطف على تابوا، فإن الفاء تعليلية لما سبق وإن واسمها وغفور خبرها الاول ورحيم خبرها الثاني.
البلاغة:
١- الإيجاز بالحذف:
في قوله تعالى «سُورَةٌ أَنْزَلْناها» إيجاز بالحذف وهو كما يراه عبد القاهر الجرجاني باب دقيق المسلك، لطيف المأخذ، عجيب الأمر، شبيه بالسحر فإنك ترى به ترك الذكر أفصح من الذكر، والصمت عن الافادة أزيد للافادة وتجدك أنطق ما تكون إذا لم تنطق وأتم ما تكون بيانا إذا لم تبن، ولكن عبد القاهر لم يصب كبد الحقيقة عند ما أردف يقول: «ما من اسم حذف في الحالة التي ينبغي أن يحذف فيها إلا وحذفه أحسن من ذكره» ووجه عدم إصابته أن الذي ذكره لا يأتي في كل مبتدأ وإنما يحسن في مبتدأ خبره وصف يقتضي المدح أو القدح وتقبل المبالغة فيه وتكون تلك المبالغة تفيد الموصوف معنى، وفي


الصفحة التالية
Icon