كذا الدنيا على من كان قبلي | صروف لم يد من عليه حالا |
أشد الغم عندي في سرور | تيقّن عنه صاحبه انتقالا |
ثم كيف يحث على الزهد في الدنيا لمن رزق فيها سرورا ومكانة لعلمه أنه زائل عما حين، والسرور الذي يعرف صاحبه أنه منحسر عنه قريبا هو أشد الغم، وهذا من أبلغ الكلام وأوعظه وأدله على عبقرية شاعر الخلود.
ومن جميل ما قيل في هذا المعنى قول هدبة بن خشرم لما قاده معاوية الى الحرة ليقتصّ منه في زياد بن زيد العذري فلقيه عبد الرحمن بن حسان بن ثابت فاستنشده فأنشده:
ولست بمفراح إذا الدهر سرني | ولا جازع من صرفه المتقلب |
ولا أبتغي شرا إذا الشر تاركي | ولكن متى أحمل على الشر أركب |