فللدلالة وللتنبيه على عظم هذا الأمر الذي هو الاعادة أبرز اسمه تعالى وأوقعه مبتدأ، والأصل في الكلام الأظهار ثم الإضمار ويليه لقصد التفخيم الإظهار بعد الإظهار ويليه وهو أفخم الثلاثة الإظهار بعد الإضمار كما في الآية.
وعلى هذا يقاس ما ورد من كلامهم كقول بعضهم يصف لقاء مع بني تميم قال: «ولما تلاقينا وبنو تميم أقبلوا نحونا يركضون فرأينا منهم أسودا ثكلا تسابق الأسنة الى الورود، ولا ترتد على أعقابها إذا ارتدت أمثالها من الأسود وتناجد بنو تميم علينا بجملة فلذنا بالفرار واستبقنا الى تولية الإدبار» فإنه إنما قيل «وتناجد بنو تميم» مصرحا باسمهم ولم يقل وتناجدوا كما قيل «أقبلوا» للدلالة على التعجب من إقدامهم عند الحملة وثباتهم عند الصدمة لا سيما وقد أردف ذلك بقوله «لذنا بالفرار، واستبقنا الى تولية الأدبار» كأنه قال: وتناجد أولئك الفرسان المشاهير، والفرسان الكماة المناكير وحملوا علينا حملة واحدة فولينا مدبرين منهزمين.
ولقد أشار الامام الرازي الى هذه النكتة ولكنه أوردها موردا آخر ولذلك ننقل عبارته بنصها: «أبرز اسم الله في الآية الأولى عند البدء حيث قال: كيف يبدىء الله الخلق وأضمره عند الإعادة، وفي هذه الآية أضمره عند البدء وأبرزه عند الإعادة حيث قال: ثم الله ينشىء النشأة لأنه في الآية الأولى لم يسبق ذكر الله بفعل حتى يسند اليه البدء فقال يبدىء الله ثم قال: ثم يعيده وفي الآية الثانية كان ذكر البدء مسندا الى الله تعالى فاكتفى به وأما إظهاره عند الإنشاء ثانيا حيث قال: ثم الله ينشىء النشأة، فليقع في ذهن السامع كمال قدرته


الصفحة التالية
Icon