القبيح الصورة كأنه وجه شيطان، كأنه رأس شيطان وإذا صوره المصورون جاءوا بصورته على أقبح ما يقدروا هوله كما أنهم اعتقدوا في الملك انه خير محض لا شرّ فيه فشبهوا به الصورة الحسنة قال الله تعالى: «ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم» وهذا تشبيه تخييلي، وقيل الشيطان حية عرفاء لها صورة قبيحة المنظر هائلة جدا، وقيل إن شجرا يقال له الأستن خشنا مرا منتنا منكر الصورة يسمى ثمره رؤوس الشياطين وما سمت العرب هذا الثمر برؤوس الشياطين إلا قصدا الى أحد التشبيهين ولكنه بعد التسمية بذلك رجع أصلا ثالثا يشبه به.
٢- سر العطف ب «ثم» :
وفي قوله «ثم ان لهم عليها لشوبا من حميم» سر لطيف المأخذ، دقيق المسلك، قلّ من يتفطن إليه، فإن في معنى التراخي وجهين:
أحدهما: انهم يملئون البطون من شجر الزقوم وهو حارّ يحرق بطونهم ويزيد في عطشهم وغلتهم فلا يسقون إلا بعد ملي تعذيبا بذلك العطش ثم يسقون ما هو أحر من العطش وهو الشراب المشوب بالحميم، والوجه الثاني أنه ذكر الطعام بتلك الكراهة والبشاعة ثم ذكر الشراب بما هو أوغل في الكراهة وأبعد في البشاعة فجاء بثم للدلالة على تراخي حال الشراب عن حال الطعام ومباينة صفته لصفته في الزيادة عليه ومعنى الثاني انه يذهب بهم عن مقارهم ومنازلهم في الجحيم وهي الدركات التي اسكنوها الى شجرة الزقوم فيأكلون إلى أن يملئوا بطونهم ويسقون بعد ذلك ثم يرجعون الى دركاتهم، ومعنى التراخي في ذلك واضح المفهوم.