(وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها) الواو عاطفة على الأصح فقد منع أبو البقاء وغيره العطف قال: «وجعل فيها هو مستأنف غير معطوف على خلق لأنه لو كان معطوفا عليه لكان داخلا في الصلة ولا يجوز ذلك لأنه فصل بينهما بقوله تعالى: وتجعلون الى آخر الآية وليس من الصلة في شيء» ويمكن أن يرد على ذلك بأن قوله وتجعلون وإن كان معطوفا على تكفرون فهو بمثابة الاعتراض بين المتعاطفين والاعتراض كثيرا ما يأتي بينهما فالحق الذي لا مرية فيه أنه معطوف على خلق الأرض فهو من جملة الصلة وفيها في محل المفعول الثاني ورواسي مفعول جعل الأول، ولك أن تعلق الجار والمجرور بجعل على أنه بمعنى خلق فهو ينصب مفعولا واحدا ومن فوقها نعت لرواسي وما أجمل وقع هذا النعت لئلا يتوهم أنها من تحتها فتكون ممسكة لها ومانعة من الميدان ثم لتكون الجبال معروضة للناظرين بحيث تحتاج هي والأرض الى ممسك لها وبارك فيها عطف على جعل فيها.
(وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ) وقدر فيها عطف على ما تقدم أي أرزاق أهلها ومعايشهم وفي أربعة أيام متعلقان بقدر أي في تمام ومقدار أربعة أيام وسواء نصب على المصدر أي استوت الأيام الأربعة استواء لا تزيد ولا تنقص وقرىء بالجر على الوصف وبالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف وللسائلين متعلقان بسواء بمعنى مستويات للسائلين أو بمحذوف كأنه قيل: هذا الحصر لأجل من سأل في كم يوم خلقت الأرض وما فيها أو متعلقان بمقدر أي قدر فيها أقواتها لأجل الطالبين والمحتاجين إليها من المقتاتين. وأجاز أبو البقاء إعراب سواء حلا بعد أن ذكر الأوجه المتقدمة وهو جائز على أنه حال من الضمير في أقواتها أو فيها أو من الأرض.


الصفحة التالية
Icon