أنتم والجملة في موضع نصب على الحال (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى) إن واسمها وجملة يغضون صلة الذين وأصواتهم مفعول يغضون وعند رسول الله الظرف متعلق بيغضون وأولئك مبتدأ والذين خبره والجملة خبر إن.
وامتحن الله قلوبهم فعل وفاعل ومفعول به وللتقوى متعلقان بامتحن على أنها علّة الامتحان لأن الاختبار بالمحن سبب لظهور التقوى لا سبب للتقوى نفسها فهو من إطلاق السبب على المسبّب وسيأتي مزيد من هذا البحث في باب البلاغة، وقال الواحدي: «تقدير الكلام امتحن الله قلوبهم فأخلصها للتقوى فحذف الإخلاص لدلالة الامتحان عليه ولهذا قال قتادة أخلص الله قلوبهم». وعبارة الزمخشري «والمعنى أنهم صبر على التقوى أقوياء على احتمال مشاقها أو وضع الامتحان موضع المعرفة لأن تحقيق الشيء باختباره كما يوضع الخبر موضعها فكأنه قيل عرف الله قلوبهم للتقوى وتكون اللام متعلقة بمحذوف واللام هي التي في قولك أنت لهذا الأمر أي كائن له ومختص به وهي ومعمولها منصوبة على الحال أو ضرب الله قلوبهم بأنواع المحن والتكاليف الصعبة لأجل بالتقوى أي لتثبت وتظهر تقواها ويعلم أنهم متقون لأن حقيقة التقوى لا تعلم إلا عند المحن والشدائد والاصطبار عليها وقيل أخلصها للتقوى من قولهم امتحن الذهب وفتله إذا أذابه فخلص إبريزه من خبثه ونقاه».
وهذا يجوز أن يكون الذين امتحن بدلا من أولئك أو صفة له كما سيأتي (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) لهم خبر مقدم ومغفرة مبتدأ مؤخرا وجر عظيم عطف على مغفرة الجملة مستأنفة على الوجه الأول وخبر أولئك على الوجه الثاني (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) إن واسمها وجملة ينادونك صلة الموصول ومن وراء الحجرات متعلقان بينادونك أي من خارجها خلفها أو قدّامها لأن وراء من الأضداد كما تقدم وأكثرهم مبتدأ وجملة لا يعقلون خبر أكثرهم والجملة الاسمية خبر