وَلا مَمْنُوعَةٍ وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ)
عطف على وله في سدر ولا في لا مقطوعة للنفي كقولك مررت برجل لا طويل ولا قصير ولذلك لزم تكرارها (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً) إن واسمها وجملة أنشأناهنّ خبر وإنشاء مفعول مطلق وعبارة الكشاف «إنّا أنشأناهنّ إنشاء: ابتدأنا خلقهنّ ابتداء جديدا من غير ولادة فإما أن يراد اللاتي ابتدئ إنشاؤهنّ أو اللاتي أعيد إنشاؤهنّ، وعن رسول الله ﷺ أن أم سلمة سألته عن قوله تعالى:
إنّا أنشأناهنّ إنشاء، فقال: يا أم سلمة هنّ اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز شمطا رمصا جعلهنّ الله بعد الكبر أترابا على ميلاد واحد في الاستواء كلما أتاهنّ أزواجهنّ وجدوهنّ أبكارا فلما سمعت عائشة من رسول الله ﷺ ذلك قالت: وأوجعاه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس هناك وجع (فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً عُرُباً أَتْراباً) الفاء عاطفة وجعلناهنّ فعل ماض وفاعل ومفعول به أول وأبكارا مفعول به ثان وعربا أترابا نعتان لأبكارا (لِأَصْحابِ الْيَمِينِ) لأصحاب اليمين متعلقان بأنشأناهنّ (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) ثلّة خبر لمبتدأ محذوف ومن الأولين نعت لثلّة وثلّة من الآخرين عطف على ما تقدم.
البلاغة:
١- في قوله «وفرش مرفوعة» إن فسرت الفرش بأنها جمع فراش كان معناها على حقيقته أي مرفوعة على السرر وإن أريد بها النساء كانت كناية عن موصوف والعرب تسمي المرأة فراشا ولباسا ويدل على هذا التأويل قوله «إنّا أنشأناهنّ إنشاء».
٢- وفي قوله «عربا أترابا» كناية أيضا عن عودتهنّ أو نشأتهنّ في سنّ صغيرة، قالت عجوز لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال: إن الجنة لا تدخلها العجائز، فولّت وهي تبكي