العلم بعدم الوجود، لا عدم العلم بالوجود ]. و:
[ من علِم حجةٌ على من لم يعلم ]. و:
[ المُثبت مقدَّمٌ على النافي ].
وتلك التي أوردناها هي بعض قواعد علم :[ أصول الفقه ] الإسلامي، وهي قواعد بحثيَّةٌ ذات أُسس رصينة في منهجيَّة البحث العلمي لدى المسلمين، قد لا نجدها عند غيرهم.
فليس من المنهجيَّة بمكان أن يحكم إنسانٌ على عدم وجود شيء لمجرد أنَّه لا يعرفه، أو لا يراه !!، بل الواجب في حقِّه أن يبذل الوسع في استقراء الحالة التي هو بصددها، حتى يستطيع الحكم بعدم الوجود.
ولا يغيب عن أذهاننا أنَّ عدم ذكر الشيء باسمه، يعني عدم وجوده، فلا تلازم بين الأمرين، بل قد يُبحث باسم آخر، أو تحت عنوان لا يرد على الذهن أن يُبحث ذلك الأمر فيه، فمن المعلوم أنَّ : اختلاف الأسماء لا يُغيِّر من حقيقة المسميات، فالعبرة بحقائق الأشياء وذواتها، لا بمجرد ما يُطلق عليها.
وإننا سنجد أنَّ القانون نفسه يتعامل بما ذكرنا، وهو يتفق تمام الاتِّفاق مع خطوات عملنا في هذا المجال، فالقانون لا يُعنى بمجرد الأسماء لمعاملة الشيء وفق ما سُمي، بل يبحث في كُنهه وذاته، وسنرى هذا لاحقاً.
********
ولغرض لمِّ شتات هذه المسألة في القانون، ساُورد ما يؤيدها، من وجهة نظري، ثم ندلف إلى النتائج، وكالآتي :
١. نظرية تحوُّل العقد : يدَّعي البعض أنَّ القانون العراقي لم يعرف هذه النظرية، وهي من مبتكرات الفقه [ الجرماني ]، وقد سمعت هذا ممن كتب في نظريَّة تحوُّل العقد، وهو الدكتور صاحب الفتلاوي، وذلك في ندوة القانون المدني في كليَّة القانون / جامعة بغداد، المعقودة ما بين :/ / إلى :/ /.
وتحوُّل العقد ما هو إلاَّ نوعٌ من الإحتيال لجعل العقد المعيب، أو الذي لم تُصرح به عبارة المتعاقدين : صحيحاً، منتجاً لآثاره، ما دام بالإمكان حمل إرادتيهما على أمرٍ جامع.
فهل مثل ذلك لا وجود له في القانون العراقي ؟.