الزمان؟ وأين مصداق ما تلاه محمد على الناس منذ أربعة عشر قرناً، فكان سبقه به دليلا على أنه لا ينطق على الهوى، إن هو إلا وحى يوحى؟ لقد ذكر الدكتور العالم أمثلة شتى تلمحها وهو يصف بدقة حقائق الطبيعة، ثم يسوق بعدها الآيات القرآنية فإذا هى منطوية على هذه الأوصاف أو متجاوبة معها. ص _٠١٥
وكما سخر الله سبحانه وتعالى الجاذبية للإنسان فى إجراء الأنهار تسير الهوينى أو غير الهوينى الى سطح البحر، سخرها له أيضاً فى كبح جماح البحر، ومنعه أن يطغى بمائه الأجاج على النهر أو على اليابسة، فهى دائما تحبسه فى مستقره الذى هو كما قلنا من قبل أقرب مواطن سطح الأرض الى مركز الأرض. فالبحر لا يستطيع أن يفارق فى مستقره ذلك إلا بقوة أخرى تغلب قوة الجاذبية عليه وهيهات، فكأنما البحر ملجم بالجاذبية أن يهجم على اليابسة من الأرض، كلما هم بالهجوم بفعل المد، أو الريح، أو حركة الأرض، جذبته قدرة الله بلجام، الجاذبية من خلف، فيعود الى موطنه الذى كتب عليه أن يبقى مقيداً فيه. ولقد من الله سبحانه على الإنسان بهذا حين من عليه بحجزه بين البحرين، أو بين البحر والنهر، فى قوله: " وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا ". وليس ذلك البرزخ- والله أعلم- إلا ارتفاع ما بين سطح البحر وسطح اليابسة التى يجرى فيها النهر. وليس ذلك الحجر المحجور- والله أعلم- إلا الجاذبية بين البحر ومركز الأرض وحبسها البحر فى موطنه. ولقد من الله على الإنسان بذلك مرة أخرى، وعاب عليه، وعجب منه، كيف يشرك مع الله إلها آخر رغم ذلك فى قوله سبحانه: " أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون " فتفهم هذه الآية الكريمة فى ضوء ما ذكرناه لك، وتأمل تعقبه سبحانه بقوله: " بل أكثرهم لا يعلمون" تعلم أن ذلك العلم من هذا الدين، وأن هذا القرآن لم يأت إلا من خالق