وقيل : مشتق من التَّأَلُّهِ وهو التعبد، وقيل : من الوَلَهَان، وهو الحيرة ؟ لتحيُّر العقول في شأنه. وقيل : أصله : الإلهُ، ثم حذفت الهمزة ونقلت حركتها إلى اللام، ثم وقع الإدغام وفُخمت للتعظيم، إلا إذا كان قبلها كسر.
٢٥
و ﴿رب﴾ نعت ﴿لله﴾، وهو في الأصل : مصدر بمعنى التربية، وهو تبليغ الشيء إلى كماله شيئاً فشيئاً، ثم وُصف به للمبالغة كالصوم والعدل.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٤
وقيل : هو وصفٌ من رَبِّه يَرُبُّهُ، وأصله : رَبَبَ ثم أُدغم، سُمي به المالكُ ؛ لأنه يحفظ ما يملكه ويربيه، ولا يطلق على غيره تعالى إلا بقيد كقوله تعالى :﴿ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ﴾ [يُوسُف : ٥٠]. قال ابن جُزَيّ : ومعانيه أربعة : الإله والسيد والمالك والمصلح، وكلها تصلح في رب العالمين، إلا أن الأرجح في معناه، الإله ؛ لاختصاصه بالله تعالى. و ﴿العالمين﴾ جمع عالَم، والعالَمُ : اسم لما يُعْلَمُ به، كالخاتم لما يُختم به، والطابع لما يطبع به. غلب فيما يُعلم به الصانع. وهو كل ما سواه من الجواهر والأعراض، فإنها لإمكانها وافتقارها إلى مُؤثِرٍ واجبٍ لذاته، تدل على وجوده، وإنما جُمع ليشمل ما تحته من الأجناس المختلفة، وغلب العقلاء منهم فجُمِعَ بالياء والنون كسائر أوصافهم، فهو جمع، لا اسم جمع، خلافاً لابن مالك.
٢٦
وقيل : اسم وضع لذوي العلم من الملائكة والثقلين، وتناولُه لغيرهم على سبيل الاستتباع، وقيل : عني به هنا الناس، فإن كل واحد منهم عالَمٌ، حيث إنه يشتمل على نظائر ما في العالم الكبير، ولذا سوّى بين النظر فيهما فقال :﴿وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ﴾ [الذّاريَات : ٢١].
﴿قلت﴾ : وإليه يشير قول الشاعر :
يا تَائهاً في مَهْمَهٍ عَنْ سِرِّه
انْظُرْ تجِدْ فِيكَ الوُجُودُ بأَسْره
أنْتَ الكمَالُ طَرِيقَةً وحَقِيقَةً
يا جَامِعاً سِرَّ الإلّهِ بِأَسْرِه


الصفحة التالية
Icon