سورة آل عمران
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٨٦
﴿الم اللَّهُ لآَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحىُّ الْقَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ مِن قَبْلُ هُدىً لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ...﴾
قلت : فواتح السور كلها موقوفة خالية عن الإعراب ؛ لفقدان مُوجبه ومقتضيه، فيوقف عليها بالسكون، كقولهم : واحد، اثنان. وإنما فَتَحَ الميم هنا في القراءة المشهورة ؛ لإلقاء حركة الهمزة عليها. انظر البيضاوي. قال ابن عباس رضي الله عنه :(الألف آلاؤه، واللام لطفه، والميم مُلكه).
قلت : ولعلَّ كل حرف يشير إلى فرقة ممن توجَّه العتاب إليهم، فالآلاء لِمنْ أسلم من النصارى، واللطف لمن أسلم من اليهود، والملك لمن أسلم من الصحابة - رضوان الله عليهم -، فقد ملكهم الله مشارق الأرض ومغاربها. والله تعالى أعلم.
يقول الحقّ جلّ جلاله : أيها الملك المُعظَّم، والرسول المفخم، بلِّغ قومك أن الله واحد في ملكه، ليس معه إله، ولا يُحب أن يُعبد معه سواه ؛ إذ لا يستحق أن يعبد إلا الحيّ القيّوم، الذي تعجز عن إدراكه العقولُ ومدارك الفهوم، فائم بأمر عباده، متصرف فيهم، على وفق مراده، فأعذر إليهم على ألسنة المرسلين، وأنزل عليهم الكتب بياناً
٢٨٧
للمسترشدين، فنزَّل ﴿عليك الكتاب﴾ مُنَجّماً في عشرين سنة، متلبساً ﴿بالحق﴾، حتى ﴿لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه﴾، أو متلبساً بالحجج التي تدفع كل باطل، أو بالعدل حتى ينتفي به جَوْر كل مائل، ﴿مصدقاً﴾ لما تقدم قبله من الكتب الإلهية ؛ إذ هو موافق لما فيها من القصص والأخبار، فكان شاهداً عليها بالصحة والإبرار.