قال في نوادر الأصول : لمّا تكلم على المتشابه قسّمه على قسمين ؛ منه ما طوى علمه إلاَّ على الخواص ؛ كعلم فواتح السور، ومنه ما لم يصل إليه أحد من الرسل فمَنْ دُونَهم، وهو سر القدر ؛ لا يستقيم لهم مع العبودية، ولو كُشِفَ لفسدت العبودية، فطواه عن الرّسل والملائكة ؛ لأنهم في العبودية، فإذا زالت العبودية احتمولها ؛ أي : أسرار القدر. هـ. ولمثل هذا يشير قول سهل : للألوهية سر - لو انكشف لبطلت النبوة، وللنبوة سر - لو انكشف لبطل العلم، وللعلم سر لو انكشف لبطلت الأحكام. هـ.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٨٩
قلت : فَتَحَصَّل أن الكتاب العزيز مشتمل على المحكم والمتشابه. وأما قوله تعالى :﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ ءَايَاتُهُ﴾ [هُود : ١] فمعناه : أنها حُفظت من فساد المعنى وركاكة اللفظ، وقوله تعالى :﴿كِتَاباً مُّتَشَابِهاً﴾ [الزُّمَر : ٢٣] معناه : أنه يشبه بعضه بعضاً في صحة المعنى وجزالة اللفظ.
ثم إن الناس في شأن المتشابه على قسمين :﴿فأما الذين في قلوبهم زيغ﴾ : أي : شك، أو ميل عن الحق، كالمبتدعة وأشباههم، ﴿فيتبعون ما تشابه منه﴾، فيتعلقون بظاهره، أو بتأويل باطل، ﴿ابتغاء الفتنة﴾ أي : طلباً لفتنة الناس عن دينهم : بالتشكيك والتلبيس، ومناقضة المحكم بالمتشابه، ﴿وابتغاء تأويله﴾ على ما يشتهون ليوافق بدعتهم.
٢٩٠