الإشارة : إذ صفت القلوب، وسكنت في حضرة علام الغيوب، تنزلت عليها الواردات الإلهية والعلوم اللدنية، والمواهب القدسية، فمنها ما تكون محكمات المبنى، واضحة المعنى، ومنها ما تكون مجملة في حال ورودها، وبعد الوعي يكون البيان، ﴿فَإْذَا قَرَأْنَاهُ فَاْتَّبِعْ قُرْءَانَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ [القيامة : ١٨، ١٩]. وقد تكون خارجة عن مدارك العقول. فأما أهل الزيغ والانتقاد فيتعبون المتشابه من تلك الواردات، ابتغاء فتنة العامة، وصرفهم عن طريق الخاصة، وابتغاء تأويله، ليقيم عليه حجة الشريعة، ﴿وما يعلم تأويله إلا الله﴾، أو من تحقق فناؤه في الله، وهم الراسخون في معرفة الله، يقولون :﴿آمنا به كل من عند ربنا﴾ ؛ إذ القلوب المطهرة من الهوى لا نطق عن الهوى، وهم أرباب القلوب يقولون :﴿ربنا لا تزغ قلوبنا﴾ عن حضرة قدسك ﴿بعد إذ هديتنا﴾ إلى الوصول إليها، ﴿وهب لنا من لدنك رحمة﴾ تعصمنا من النظر إلى سواك، ﴿إنك أنت الوهاب﴾.
ربنا إنك جامع الناس. وهم السائرون إليك ليوم لا ريب في الوصول إليه، وهو يوم اللقاء، ﴿إنك لا تخلف الميعاد﴾ فاجمع بيننا وبينك، وحل بيننا وبين من يقطعنا عنك ؛ ﴿إنك على كل شيء قدير﴾.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٨٩
قلت :﴿الوقود﴾ بالفتح : الحطب، وبالضم : المصدر، ﴿كدأب آل فرعون﴾ خير، أي : دأبهم كدأب آل فرعون. والدأب. مصدر دأب، إذا دام، ثم نقل إلى الشأن والعادة، و ﴿كذبوا﴾ : حال بإضمار " قد "، . أو مستأنف، تفسير حالهم، أو خبر ؛ إن ابتدأت بالذين من قبلهم.