ثم قال لهم :﴿إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين﴾، فإن غير المؤمنين لا ينتفع بالمعجزات لعناده، ﴿ومصدقاً لما بين يدي من التوراة﴾ أي : وجئتكم مصدقاً للتوراة، وشاهداً على صحتها، ﴿ولأُحلَّ لكم بعض الذي حُرم عليكم﴾ في شريعة موسى عليه السلام كالشحوم والثروب ولحم الإبل والعمل في السبت. وهذا يدل على أنه ناسخ للتوراة، ولا يخل بكونه مصدقاً له، كما لا يخل نسخ القرآن بعضه لبعض بصحته. فإن النسخ في الحقيقة : بيان لانتهاء العمل بذلك الحكم. ثم قال لهم :﴿و﴾ قد ﴿جئتكم بآية﴾ واضحة ﴿من ربكم﴾، قد شاهدتموها بأعينكم، فما بقي إلا عنادكم، ﴿فاتقوا الله وأطيعون﴾.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣١٨
ثم دعاهم إلى التوحيد بعد بيان الحجة فقال :﴿إن الله ربي وربكم فاعبدوه﴾ ولا تعبدوا معه سواه، ﴿هذا صراط مستقيم﴾ لا عوج فيه. قال البيضاوي : أي : لما جئتكم بالمعجزات القاهرة والآيات الباهرة، ﴿فاتقوا الله﴾ في المخالفة، ﴿وأطيعون﴾ فيما أدعوكم إليه، ثم شرع في الدعوة وأشار إليها بالقول المجمل، فقال :﴿إن الله ربي وربكم﴾ ؛ أشار إلى استكمال القوة النظرية بالاعتقاد الحق الذي غايتُه التوحيد، وقال :﴿فاعبدوه﴾ ؛ إشارة إلى استكمال القوة العملية بملازمة الطاعة، التي هي الإتيان
٣٢١


الصفحة التالية
Icon