إلى فساد العالم. والله تعالى أعلم.
الإشارة : ينبغي للمريد، الذي تحقق بخصوصية شخيه، أن يلاعن من يخاصمه فيه، ويبعد عنه كل البعد، ولا يهي له لئلا يركبه، ويدفع عن شيخه ما استطاع، فإنَّ هذا من التعظيم الذي هو سببٌ في سعادة المريد، ولا يصغي إلى المفسدين الطاعنين في أنصار الدين. قلت : وقد جاءني بعض من ينتسب إلى العلم من أهل فاس، فقال لي : قد اتفقت علماء فاس على بدعة شيخكم، فقلت له : لو اتفق أهل السماوات السبع والأرضين السبع، على أنه من أهل البدعة، لقلت أنا : إنه من أهل السنّة، لأني تحققت بخصوصيته، كالشمس في أفق السماء، ليس دونها سحاب. فالله يرزقنا حسن الأدب معهم والتعظيم إلى يوم الدين. آمين، فمن أعرض عن أولياء الله من المنكرين ؛ ﴿فإن الله عليم بالمفسدين﴾
٣٢٩
ثم دعاهم إلى التوحيد الذي اتفقت عليه سائر الأديان.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٢٨
قلت :﴿سواء﴾ : مصدر، نعت للكلمة، والمصادر لا تثني ولا تجمع ولا تؤنث، فإذا فتحت السين مددت، وإذا ضمت أو كسرت قصرت، كقوله :﴿مكاناً سوى﴾ أي : مستوٍ. وسواء كل شيء : وسطه، قال تعالى :﴿فَرَءَاهُ فِى سَوَآءِ الْجَحِيمِ﴾ [الصَّافات : ٥٥]، أي : وسطه.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿قل﴾ يا محمد :﴿يا أهل الكتاب﴾ اليهود والنصارى، ﴿تعالوا﴾ : هلموا ﴿إلى كلمة سواء﴾ أي : عدل مستوية، ﴿بيننا وبينكم﴾ ؛ لا يختلف فيها الرسل والكتب والأمم، هي ﴿ألا نعبد إلا الله﴾ أي : نوحده بالعبادة، ونقر له بالوحدانية، ﴿ولا نشكر به شيئاً﴾ أي : لا نجعل غيره شريكاً له في استحقاق العبادة، ﴿ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله﴾ أي : لا نقول عزير ابن الله، ولا المسيح ابن الله، ولا نطيع الأحبار فيما أحدثوا من التحريم والتحليل، لأنهم بشر مثلنا.


الصفحة التالية
Icon