ثم صرّح بتكذيب الفريقين فقال :﴿ما كان إبراهيم يهوديّاً ولا نصرانيّاً ولكن كان حنيفاً﴾ مائلاً عن العقائد الزائفة، ﴿مسلماً﴾ منقاداً لأحكام ربه. وليس المراد أنه كان على ملة الإسلام، وإلا لكان مشترك الإلزام، لأن دين الإسلام مؤخر أيضاً، فكان إبراهيم إمام الموحدين، ﴿وما كان من المشركين﴾ كما عليه اليهود والنصارى والمشركون. ففيه تعريض بهم، ورد لادعائهم أنهم على ملته.
٣٣١
ثم ذكر مَنْ أولى الناس به، فقال :﴿إن أولى الناس بإبراهيم﴾ أي : أخصهم به وأقربهم منه، ﴿للذين اتبعوه﴾ من أمته في زمانه، ﴿وهذا النبيّ﴾ محمد ﷺ، ﴿والذين آمنوا﴾ ؛ لموافقتهم له في أكثر الأحكام، قال ﷺ :" لكُلِّ نَبيَ وُلاة مِنَ النَّبيِّينَ، وإنَّ وَلِيِّي منهم أبِي وَخَلِيل ربِّي " يعني إبراهيم عليه السلام، ﴿والله ولي المؤمنين﴾ أي : ناصرهم على سائر الأديان، ومجازيهم بغاية الإحسان.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٣١
الإشارة : ترى كثيراً من المتفقرة يخصون الكمال بطريقهم، ويخاصمون في طريق غيرهم، وهي نزعة أهل الكتاب، حائدة عن الرشد والصواب، فأولى بالحق من اتبع السنة المحمدية، وتخلق بالأخلاق المرضية، وزهد في الدارين، ورفع همته عن الكونين، ورفع حجاب الغفلة عن قلبه، حتى أشرقت عليه أنوار ربه، واتصل بأهل التربية النبوية، فزجوا به في بحار الأحدية، ثم ردوه إلى مقام الصحو والتكميل، فيا له من مقام جليل، فهذه ملة إبراهيم الخليل، وبها جاء الرسول الجليل حبيب الرحمن، وقطب دائرة الزمان، سيد المرسلين، وإمام العارفين، ورسول رب العالمين، ﷺ دائماً إلى يوم الدين.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٣١
قلت :﴿لو﴾ : مصدرية، أي : تمنوا إضلالكم.


الصفحة التالية
Icon