قلت : الموصول مبتدأ، و ﴿أولئك﴾ خبره، أو عطف على ﴿المتقين﴾، وحذف المنزل عليه في جانب الكتب المتقدمة، فلم يقُلْ : وما أنزل على مَن قبلك ؛ إشارة إلى أن الإيمان بالكتب المتقدمة دون معرفة أعيان المنزل عليهم كاف، إلا من ورد تعيينُه في الكتاب والسنّة فلا بد من الإيمان به، أما القرآن العظيم فلا بد من الإيمان أنه منزل على نبينا محمد ﷺ، فمن اعتقد أنه منزل على غيره كالروافض فإنه كافر بإجماع، ولذلك ذكر المتعلق بقوله :﴿بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ﴾.
يقول الحقّ جل جلاله :﴿وَالَّذينَ﴾ يصدقون ﴿بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ﴾ يا محمد من الأخبار الغيبية والأحكام الشرعية، والأسرار الربانية والعلوم اللدنية ﴿ومَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ﴾ من الكتب السماوية، والأخبار القدسية، وهم ﴿يُوقِنُونَ﴾ بالبعث والحساب والرجوع إلينا والمآب، على نعتٍ ما أخبرتُ به في كتابي وأخبار أنبيائي، ﴿أُولَئِكَ﴾ راكبون على مَتْنِ الهداية، مُسْتَعْلون على محمل العناية، محفوفون بجيش النصر والرعاية، ﴿وَأُولَئِكَ هُم﴾ الظافرون بكل مطلوب، الناجون من كل مخوف ومرهوب، دون من عداهم ممن سبق له
٥٥
الخذلان، فلم يكن له إيمان ولا إيقان، فلا هداية له ولا نجاح، ولا نجاة له ولا فلاح، نسأل الله العصمة بمنّه وكرمه.


الصفحة التالية
Icon