قال النبيّ ﷺ :" يُجَاءُ بالكَافِر، يومَ القيامةِ، فيُقال له : أرأيتَ لو كان لكَ ملءُ الأرض ذهباً - أكنْتَ مفتدِياً به ؟ فيقولُ : نعم، نعم، فيُقال له : قد سُئلْتَ ما هو أيسرُ من ذلك " يعني : لا إله إلا الله : ثبتنا الله عليها إلى الممات عالمين بها. آمين.
الإشارة : كل من كفر بطريق أهل الخصوصية، وحرم نفسه من دخول الحضرة القدوسية، واستمر على كفرانه إلى الممات، فلا شك أنه يحصل له الندم وقد زلّت به القدم، لأنه مات مصراً على الكبائر وهو لا يشعر، فإذا حشر مع عوام المسلمين، وسَكَن في رَبضِ الجنة مع أهل اليمين، ثم رأى منازل المقربين في أعلى عليين، ندم وتحسر، وقد غلبه القدر، فلو اشترى المُقَام معهم بملء الأرض ذهباً ما نفعه ذلك، فيمكث في غمّ الحجاب وعذاب القطيعة هنالك، مقطوع عن شهود الأحباب على نعت الكشف والبيان، ممنوع عن الشهود والعيان. وبالله التوفيق.
٣٤٥
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٤٥
قلت : البرّ : كمال الطاعة.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿لن تنالوا﴾ كمال الطاعة والتقرب ﴿حتى تنفقوا مما تحبون﴾، أو : لن تنالوا برَّ الله الذي هو الرضى والرضوان، ﴿حتى تنفقوا﴾ بعض ما ﴿تحبون﴾ من المال وغيره، كبذل الجاه في معاونة الناس، إن صحبه الإخلاص، وكبذل البدن في طاعة الله، وبذلك المهج في سبيل الله. ولمّا نزلت الآية جاء أبو طلحة فقال : يا رسول الله، إن أحب أموالي إِليَّ بَيْرُحاء - وهو بستان كان خلف المسجد النبوي - وهو صدقة لله، أرجوا برّها وذخرها، فقال له - عليه الصلاة والسلام - " بَخٍ بَخٍ ؛ ذَلَكَ مَالٌ رَابحٌ - أو رائح - وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا في الأَقْرَبينَ " فقسمها أبو طلحة في أقاربة.


الصفحة التالية
Icon